(1) (الحنفية - قالوا: اختلفت أنظار الباحثين في إضافة الطلاق إلى المرأة، فقال بعضهم: لا يقع الطلاق إلا إذا أسنده إلى شيء يعبر به عن المرأة بأن يذكرها باسمها، فيقول: زوجتي زينب طالق، ويسمى هذا إضافة لفظية، أو يذكرها بالضمير، كأنت طالق. أو طالقتك أو باسم الإشارة كهذه طالق، أو باسم الجنس، كأمرأتي طالق، ويسمى هذا إضافة معنوية، فإذا لم يضف الطلاق إلى المرأة بأن يذكر اسمها صريحاً لفظاً، أو يذكر لفظاً يدل عليها فإنه لا يقع عليه الطلاق ولو نوى به الطلاق، فإذا قال لها: لا تخرجي من غير إذني لأنني حلفت بالطلاق ونوى بذلك طلاقها فخرجت فإنه لا يقع عليه شيء، وذلك لأنه لم يضف الطلاق إلى المرأة، أما لو قال لها، حلفت بطلاقك فإنه يقع، وكذا لو قال شخص لآخر: اذهب معي لزيارة فلان فقال: إني حلفت بالطلاق أن لا أزوره، وهو كاذب في ادعاء الحلف، ثم ذهب لم يقع عليه الطلاق لعدم إضافته إلى المرأة، وإذا قال علي الطلاق لا أفعل كذا، ولم يقل من امرأتي، أو من هذه، أو من زينب مثلاً، أو منك، وفعل فإنه لا يلزمه طلاق، ولو نوى الطلاق.
وقال بعضهم: إذا نوى طلاقها لزمه الطلاق، وذلك لأن نية الطلاق تجعل الإضافة إلى المرأة موجودة، فكأنه قال: حلفت بالطلاق منك أو بطلاقك، ولكن بعض المحققين من شيوخنا رجح الرأي الأول، وجعله مدار الفتوى، مستدلاً بأن المذهب اشترط إضافة الطلاق إلى المرأة بذكر اسمها أو ما يدل عليها من ضمير أو اسم إشارة، أو لفظ عام، أما نية الإضافة فإنها لا تكفي وعلى هذا لا تعتبر صيغة الطلاق إلا إذا ذكر فيها ما يدل على المطلقة، ولا يرد أن العرف قد استعمل كلمة عليّ الطلاق، وعليّ الحرام في تطليق الزوجة، والعرف يعمل به عند الحنفية، فينبغي أن يقع به الطلاق بدون إضافة، والجواب أن العرف لا يعول عليه إذا ناقض نصاً صريحاً أو خالف شرطاً من الشروط. وقد عرفت أنهم قد اشترطوا أن يضاف الطلاق إلى المرأة لفظاً لا نية، بأن يذكر ما يدل عليها من اسم صريح، أو ضمير، أو نحو ذلك، ومتى ثبت ذلك فلا معنى للعمل بالعرف الذي يناقض هذا الشرط، وهذا الرأي حسن، وينبغي أن يعمل به في زماننا خصوصاً بعد أن أصبح معمول به في القضاء والافتاء أن تعليق الطلاق يبطله، فلو فرضنا ونظرنا إلى العرف فإنه الآن قد أصبح متعارفاً بين الناس أن - عليّ الطلاق - لا يقع به الطلاق حتى لو أضافه إلى المرأة، كما أنه أصبح متعارفاً بين الناس أن الطلاق الثلاث لا يقع به إلا واحدة، فالنظر إلى العرف يقضي أن تكون الفتوى الآن على أن الطلاق المعلق المضاف لا يقع به شيء عند الحنفية، وأن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة لا يقع به إلا واحدة عندهم.
ويتفرع على اشتراط إضافة الطلاق إلى المرأة أن الرجل إذا أضاف الطلاق إليه دونها فإنه يلغو ولا يعمل به، مثلاً إذا قال لها: أنا منك طالق، أو أنا منك بريء لا يقع به شيء ولو نوى به طلاقها لأنه أضاف الطلاق إلى نفسه والرجل ليس محلاً للطلاق، بخلاف ما إذا قال لها: أنا منك بائن، أو منك حرام أو أنا عليك حرام وذلك لأن معنى الإبانة الانفصال وإزالة ما بينهما من وصلة ومعنى التحريم إزالة حل الاستمتاع الحاصل بينهما، ولا يخفى أن المعنيين مشتركان بين الرجل والمرأة، فيصح نسبتهما إلى كل واحد منهما، فلو قال أنا بائن ولم يقل منك، أو قال أنا حرام ولم يقل عليك فإنه لا يقع به شيء ولو نوى الطلاق، لأنه لم يضفه إلى المرأة بل أضافه إلى نفسه فقط. والشرط أن يضيفه إليها، فإذا قال لها: أنت بائن ولم يقل مني، أو قال: أنت حرام ولم يقل علي، فإنه يلزمه بالنية، لأنك قد عرفت أن هذه الألفاظ من باب الكنايات، على أنه إذا جعل الزوج أمر طلاق المرأة بيدها وقالت له: أنت بائن مني ولم تقل وأنا منك بائنة، فإنها لا تطلق وذلك لأنها وإن حلت محل الزوج في إيقاع الطلاق، ولكنها لم تضف الطلاق إلى نفسها فلا يقع.
وبهذا تعلم أن الطلاق الصريح إذا أضافه إليه لا يقع حتى ولو أضافه إليها أيضاً، وأن الكناية التي يكون معناها مشتركاً بينهما إذا أضافها إليه وإليها ونوى بها الطلاق وقع، كأنا منك بائن، وإذا أضافها إليها وحدها دونه فإنه يصح ويقع، كما إذا قال لها: أنت بائن أنت حرام وإذا أضافها إليه وحده كأنا بائن فإنه لا يقع بها شيء، وإذا جعل أمرها بيدها فإنه لا يقع إلا إذا أضافته إلى نفسها وأضافته إليه، فيقول: أنا منك بائنة، أنت مني بائن، أنا حرام عليك، أنت حرام علي.
والحاصل أن الحنفية قالوا: يشترط لإيقاع الطلاق أن يضاف إلى المرأة بأن يأتي باسمها، أو يأتي بالضمير الدال عليها، سواء كان ضمر خطاب كأنت طالق، أو ضمير غيبة، كهي إذا أعاد الضمير عل امرأته، أو اسم إشارة عائد إليها، كهذه طالق، فهذه الألفاظ تدل على المرأة وضعاً، ويقوم مقام ذلك ذكرها بجزئها، بشرط أن يكون ذلك الجزء شائعاً في بدنها، كالنصف، والثلث، والربع، أو يعبر به عن المرأة، بمعنى أنه يشتهر التعبير بذلك الجزء عن جميع الذات، وذلك، كالرقبة والعنق، والبدن، والجسد، والفرج، والوجه، والرأس، فإن هذه الألفاظ قد اشتهر استعمالها في ذات الإنسان، فأما الفرج فقد ورد "لعن اللّه الفروج على السروج" وأما غيره من الألفاظ فاستعمالها في الذات ظاهر، فلا يقع بالإضافة إلى المرأة إلا إذا وجد أحد الأمرين: الإضافة إلى الجزء الشائع من نصف وثلث الخ، لأن الطلاق لا يتجزأ، أو الإضافة إلى جزء اشتهر استعماله في الكل حتى أصبح حقيقة عرفية. أما إذا لم يكن جزءاً شائعاً، أو لم يكن جزءاً يستعمل في الكل عرفاً فإنه لا يقع به الطلاق إلا إذا نوى به المجاز، بأن ينطق بالجزء وينوي به الكل لعلاقة الجزئية، فإذا قال: يدك طالق ولم تكن اليد مشتهرة في التعبير بها عن الكل عند الناس لا تطلق إلا إذا أراد باليد جميع المرأة ومثل اليد الرجل، والفخذ، والشعر، والأنف، والسن، والريق، والعرق، والثدي، والدبر. أما الاست فقد قالوا: إنه يقع به لأنه وإن كان مرادفاً للدبر، ولكن اشتهر استعماله في جميع المرأة، ومثله البضع، فإنه وإن كان مرادفاً للفرج ولكن لا يقع به لأنه لم يشتهر استعماله في الجميع. وكذلك الظهر، والبطن، فإنهما لم يشتهر استعمالهما في الكل فلا يقع بهما، فإذا اشتهر استعمالهما في الكل عند قوم وقع بهما بدون نية المجاز. فالمدار على شهرة استعمالها في الكل بحيث لو اشتهر استعمال اليد في الكل وقع بها بدون نية المجاز وهكذا.
وبالجملة فأجزاء الجسم منها ما يقع به الطلاق بدون نية المجاز، وهي الأجزاء الشائعة والأجزاء التي اشتهر استعمالها في الكل بدون قرينة، كالرقبة الخ، ومنها ما يقع به الطلاق إذا نوى به استعماله في جميع البدن كاليد ونحوها. ومنها ما لا يقع به شيء حتى ولو نوى به جميع البدن، كالريق، والسن، والشعر، والظفر، والعرق لأن هذه لم يعهد التعبير بها عن الإنسان. ومثلها الأجزاء الباطنية التي لا يستمتع بها، كالقلب، والكبد، والطحال، فإنه إذا أضاف الطلاق إليها لا يقع ولو نوى بها جميع بدنها.
هذا، وإذا قال لها: روحك طالق أو نفسك طالق، فإنها تطلق لأنهما يعبر بهما عن الكل، كما لا يخفى.
الشافعية - قالوا: إذا قال لزوجته: طالق، ولم يقل أنت، فإنه لا يقع به الطلاق، ولو نوى تقدير أنت إلا إذا قال: - طالق - في جواب سؤال المرأة طلاقها، فإذا قالت له: هل تطلقني؟ فقال لها: طالق لزمه الطلاق حينئذ، ومثل ذلك ما إذا قال لها: حرام علي ولم يقل: أنت، فإنه لا يقع به الطلاق، ولو نوى تقدير أنت، وهذا بخلاف عليّ الطلاق، أو الطلاق يلزمني، أو عليّ الحرام أو الحرام يلازمني لا أفعل كذا، فإنه يقع به الطلاق، وإن لم يضفه إلى المرأة، فلا يشترط في إيقاعه عندهم أن: علي الطلاق من فلانة، أو منك، أو من امرأتي، بل لو قال: علي الطلاق وسكت فإنه يكون بمنزلة أنت طالق على الصحيح، وبعضهم يقول: إنه لا يقع به الطلاق إلا بالنية فهو من باب الكناية لا من باب الصريح، فلو قال لزوجته: أنا منك طالق وأضاف الطلاق إلى نفسه لا إليها ونوى به الطلاق فإنه يقع، وقد عرفت أن الرجل وإن كان ليس محلاً للطلاق ولكن لما كان مقيداً بالنسبة لزوجته من بعض الوجوه بحيث لا يجوز له أن يتزوج أختها أو يتزوج خامسة عليها إن كان متزوجاً لأربع، فإنه يصح أن ينسب إليه الطلاق، فيقال: إنه طالق من هذا القيد، فإذا نوى به الطلاق لزمه، وكذا إذا قال لها: أنا منك بائن، ونوى به الطلاق فإنه يلزمه الطلاق.
وكما يقع الطلاق بإضافته إلى المرأة يقع بإضافته إلى جزئها المتصل بها، كيد، وشعر، وظفر، ودم، وسن، فخرج بقوله: جزئها إضافة الطلاق وإلى فضلتها كريقها، ومنيها، ولبنها، وعرقها، فإنه لا يقع به شيء، وبقوله: المتصل بهذا الجزء المنفصل، كما إذا قال لمقطوعة اليمين: يمينك طالق فإنه لا يقع به شيء.
المالكية - قالوا: كل لفظ ينوي به الطلاق يقع به الطلاق، فلو قال: طالق بدون إضافة إلى المرأة أو إلى جزئها ونوى طلاقها واحدة أو أكثر لزمه ما نواه حتى لو قال لها: اسقيني ونوى طلاقها ثلاثاً لزمه الثلاث، على أنهم قالوا: إن الصريح يقع به الطلاق وإن لم ينو. وقد عرفت أن ألفاظ الصريح منحصرة في أربعة: منها أن يقول لها أنا طالق منك، فهو صريح يقع به الطلاق وإن لم ينو مع كونه أضاف الطلاق إلى نفسه لا إلى المرأة، خلافاً للحنفية والحنابلة فإنهم يقولون: إنه لا يقع به الطلاق ولو نواه، وخلافاً للشافعية الذين يقولون: إنه يقع به الطلاق إذا نواه.
فإذا صرح بإضافة الطلاق إلى جزء المرأة، فإن كان الجزء متصلاً وكان من المحاسن التي يتلذذ بها الرجل، كالشعر، والريق - فإن الريق يتلذذ به - والعقل، والكلام، لأنهما من الأمور التي توجب إعجاب الرجل والتذاذه قطعاً، خصوصاً الكلام إذا كان رقيقاً فإن اللذة به محسة، فإنه يقع به الطلاق أما إذا كان الجزء منفصلاً ونوى الإضافة إليه، كما إذا قال لها: شعرك طالق، وأراد شعرها الذي حلقته فإنها لا تطلق، وإذا لم ينو المتصل ولا المنفصل تطلق، ولو أضاف الطلاق إلى جزء لا يتلذذ به: كالسعال، والمخاط ودمع العين فإنها لا تطلق.
هذا، وقد صرح المالكية بأن الرجل الذي يقول هذا يكون آثماً فيحرم عليه أن يطلق بعض تطليقة، أو يطلق المرأة، وإذا فعل يؤدب عليه.
الحنابلة - قالوا: الإضافة إلى المرأة لا تشترط في الطلاق الصريح، إنما يشترط أن لا يضيف الرجل الطلاق إليه، فلو قال: علي الطلاق، أو الطلاق يلزمني، أو يلزمني الطلاق، أو علي يمين بالطلاق ولم يذكر المرأة، أو لم ينم به الطلاق يلزمه، وإذا نوى به أكثر من واحدة لزمه ما نواه، فلو نوى بقوله: علي الطلاق أو أنت طالق طلاق امرأته ثلاثاً لزمه الثلاث، أما إذا قال: أنا طالق منك ونوى به الطلاق فإنه لا يقع به شيء، لأن الرجل قد أضاف الطلاق إلى نفسه، وهو غير محل للطلاق.
وكما يقع الطلاق بإضافته إلى المرأة يقع بإضافته إلى جزء متصل بها، فلو قال لها، نصفك طالق أو جزء منك طالق طلقت، وكذا إذا قال لها: يدك طالق وكانت لها يد، أو قال لها: أصبعك طالق فإنها تطلق، أما إضافة الطلاق إلى الأجزاء البعيدة، كالشعر، والظفر، والسن فإنها لا تطلق بها، ومثلها الإضافة إلى الفضلات، كالريق، والمني، والبصاق، ونحو ذلك. وكذا الإضافة إلى الصفة كالبياض، والسواد، وإذا قال لها: روحك طالق لا تطلق لأن الروح لا يستمتع بها وليست جزءاً بل هي أمر معنوي، أما إذا قال: حياتك طالقة، فإنها تطلق لأنها لا بقاء لها إلا بالحياة).
--------------------------
مبحث إذا قال: أنت حرام أو محرمة أو قال: علي الحرام أو نحو ذلك *-إذا قال لزوجته: أنت علي حرام، أو أنت محرمة، أو قال: حرمت ما أحله لي اللّه أو نحو هذا، ففي وقوع الطلاق به تفصيل المذاهب (1).
--------------------------
(1) (الحنفية - قالوا: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام أو محرمة، أو حرمتك علي أو حرمت نفسي عليك، فإنه ينظر فيه إلى العرف، فإن كان المتعارف بين الناس استعمال هذه الألفاظ في الطلاق البائن وقع بائناً أو في الطلاق الرجعي وقع رجعياً. ولا يلزم في وقوعه النية لأنه في هذه الحالة يكون من باب الصريح لا من باب الكناية، لأنه متى تعورف استعمال أنت محرمة في الطلاق كان مثل قوله: أنت طالق بلا فرق، أما إذا كان العرف لا يستعملها في الطلاق إلا بالنية كانت من باب الكناية لا يقع بها شيء إلا بالنية، ولكن العامي لا يفرق في استعمالها بين الطلاق البائن والطلاق الرجعي، وإنما يستعملها في تحريم وطء المرأة والاستمتاع بها، وهذا لا يكون إلا بالطلاق البائن، لأن الطلاق الرجعي لا يحرم الاستمتاع بالمرأة عند الحنفية فيتعين حمل طلاق العامي بهذه العبارات على البائن، أما الذي يعرف الفرق فيعمل بنيته، وهذا لا ينافي كونه ملحقاً بالصريح، لأنك قد عرفت أن الصريح نفسه ينقسم إلى رجعي، وبائن، فإذا نوى به عدداً فإنه يلزمه، فلو قال: أنت حرام ونوى به الثلاث لزمه الثلاث، بخلاف ما إذا نوى به طلقتين، فإنه لا يلزمه إلا واحدة كما تقدم في الكناية.
وإذا عرفت أن المدار في إيقاع الطلاق بهذه العبارات على العرف تعلم أنه إذا كان العرف لا يستعمل هذه الألفاظ في الطلاق أصلاً، لا صريحاً، ولا كناية فإنه لا يقع بها شيء أصلاً، فالتقوى بإيقاع الطلاق بهذه الألفاظ تتبع العرف.
هذا إذا أضافها إلى المرأة كما هو واضح في الأمثلة المذكورة، أما إذا لم يضفها إلى المرأة كأن قال: علي الحرام ولم يقل: منك، أو قال: الحرام يلزمني، أو كل حل عليّ حرام، أو قال: علي الطلاق. أو الطلاق يلزمني، فقد عرفت انه لا يقع به شيء،لأنهم قد اشترطوا إضافة الطلاق إلى المرأة بذكر ما يدل عليها من اسم، أو ضمير، أو إشارة، والعرف لا يغير الشرط. فلو قال: علي الحرام من امرأتي، أو من زينب، أو منك أو من هذه، فإن كان العرف يستعمله في الطلاق الصريح وقع بدون نية، وإن كان يستعمله في الطلاق كناية وقع الطلاق بالنية، وإذا لم يستعمله في الطلاق أصلاً لم يقع به شيء.
هذا، وإذا قال: علي الطلاق منك لا أفعل كذا ونوى به الثلاث فإنها تلزمه، لأن الطلاق المذكور بلفظ الجنس الذي يصدق بالواحد والكثير، فإذا نوى به اثنتين فإنه لا يصح. المالكية - قالوا: لو قال لها: أنت علي حرام، أو أنت حرام، وإن لم يقل: علي. أو أنا منك حرام كان ذلك من الكنايات الظاهرة التي يلزم بها الطلاق بدون نية، ثم إن كانت الزوجة مدخولاً بها لزمه الطلاق الثلاث بصرف النظر عن كونه نوى واحدة، أو أكثر، وإن كانت غير مدخول بها ولم ينو عدداً لزمه الثلاث أيضاً، وإن نوى عدداً لزمه ما نواه، سواء كان واحدة، أو أكثر، أما إذا قال: الحلال علي حرام، أو حرام علي ما أحل لي، أو ما أرجع إليه حرام، فإنه إذا نوى إخراج زوجته واستثناءها من المحرم عليه، فإنه يصح، ولا تحرم، وإلا حرمت، لأن قوله: الحلال علي حرام يشمل جميع ما أحله اللّه له وهو لا يملك إلا تحريم زوجته، فإذا نواه حرمت وإلا فلا، وإذا قال لها: الحرام حلال، ولم يقل علي، أو قال: حرام علي، أو علي حرام، ولم يقل: أنت، أو قال: يا حرام، فإنه إذا نوى إخراج امرأته من الحرام فلا يلزمه شيء، وإن نوى إدخالها كان كناية صريحة يلزم به الثلاث في المدخول بها وغيرها إن ينو في غير المدخول بها عدداً، وإذا حرم جزءاً منها كأن قال: وجهك علي حرام فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها بدون نظر إلى نيته، ويلزمه الثلاث في غير المدخول بها إن لم ينو عدداً، فإن نوى عدداً لزمه ما نواه، فإذا قال لها: وجهك على وجهي حرام - بتخفيف اللام - ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يلزم به شيء إلا بالنية. وثانيهما: أنه مثل قوله: وجهك علي حرام، وهو الراجح، أما إذا قال لها: ما أعيش فيه حرام، فإن فيه خلافاً، فبعضهم قال: إنه مثل وجهك علي حرام، وبعضهم قال: إنه لا يلزمه به شيء إلا بالنية، وهو الظاهر، لأن الزوجة ليست من العيش فلم تدخل إلا بالنية.
هذا، وقد عرفت أن المالكية يعولون على العرف في الكناية الظاهرة، فيقولون: إن كل لفظ لا يصطلح الناس على استعماله في الطلاق ولا يتعارفون بينهم عليه لا يقع به شيء إلا بالنية. لأنه يكون كناية خفيفة لا ظاهرة.
الحنابلة - قالوا: إذا قال: علي الحرام، أو يلزمني الحرام، أو الحرام يلزمني، فقال بعضهم: إنه كناية فيكون طلاقاً بالنية، وقال بعضهم: إذا نوى تحريم المرأة يكون ظهاراً، والصحيح أن العرف معتبر في ذلك، فإن كان يستعمله في الطلاق كان كناية، وإن كان يستعمله في الظهار كان ظهاراً، وإذا قال لها: أنت علي حرام، أو ما أحل اللّه علي حرام، أو الحل علي حرام، أو حرمتك، فإن ذلك يكون ظهاراً حتى ولو نوى به الطلاق لا يلزمه، ومثل ذلك ما إذا قال: فراشي علي حرام، ونوى به امرأته فإنه يكون ظهاراً، وإذا قال لها أنا منك حرام، فإنه لا يقع به شيء.
الشافعية - قالوا: إذا قال لها: أنت علي حرام، أو أنت على الحرام، أو حرمتك، فإن هذه الألفاظ تصلح لأن تكون كناية عن الطلاق وعن الظهار، فإذا نوى بها الطلاق وقع، سواء نوى واحدة،أو أكثر، وكذا إذا نوى بها الظهار، فإنه يصح ويلزمه كفارة الظهار الآتي بيانها، وإذا نوى بها الطلاق، والظهار جميعاً، فإن كان المنوي أولاً الظهار عومل بهما جميعاً فيكون عليه كفارة ظهار ويلزمه الطلاق الذي نواه، أما إذا كان المنوي أولً الطلاق فإن كان بائناً، ثم نوى الظهار فهو ملغى لا كفارة له، لأنها بانت منه أولاً، فأصبحت غير محل للظهار، وإن كان رجعياً، ثم نوى الظهار وقف العمل بالظهار فإذا راجعها عاد الظهار ولزمته كفارته، وإلا فلا، وهذا هو المعتمد.
أما إذا نوى بها تحريم عين المرأة أو تحريم فرجها، أو بدنها، أو جزء من أجزائها، فإنه لا يلزم بذلك طلاق، لأن هذه الأشياء أعيان، والأعيان لا توصف بالتحريم، وكذا إذا لم ينو بها شيئاً من طلاق أو ظهار، فإنه لا يلزمه شيء، فإذا قال لامرأته: حرمتك، وهو ينوي تحريم جسمها، أو فرجها، ثم وطئها كان عليه كفارة يمين، وإنما تلزم كفارة اليمين إذا لم يقم بالزوجة مانع وقت قوله لها: حرمتك، كأن كانت في حالة إحرام بالنسك، وقد اختلف في الحائض والنفساء، فقيل: إذا كانت حائضاً، أو نفساء، وقال لها: حرمتك فلا كفارة عليه، وقيل بل عليه كفارة. فإذا حرم عيناً غير زوجته، كأن قال: شرابي علي حرام أو لباسي، كان لغواً من القول لا شيء فيه لأنه غير قادر على تحريم ما أحل اللّه له.
وإذا قال: علي الحرام، أو حلال اللّه علي حرام، أو الحرام يلزمني، أو علي الحلال، فإنها كناية يلزم بها ما نواه، وإن اشتهر استعمالها في الطلاق، وذلك لأنها لم توضع للطلاق بخصوصه، ومثلها الألفاظ المتقدمة وهي أنت حرام وما بعدها، فإنها وإن اشتهر استعمالها في الطلاق إلا أنها لم توضع له بخصوصه، فلذا لم تكن طلاقاً صريحاً على المعتمد، ونظر فيها إلى النية).
مبحث تعدد الطلاق
*-يملك الرجل الحر ثلاث طلقات ولو كان زوجاً لأمة (1)، ويملك العبد طلقتين ولو كان زوجاً لحرة، فإذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً دفعة واحدة، بأن قال لها: أنت طالق ثلاثاً لزمه ما نطق به من العدد في المذاهب الأربعة، وهو رأي الجمهور.
وخالفهم في ذلك بعض المجتهدين، كطاوس، وعكرمة وابن اسحاق، وعلى رأسهم ابن عباس رضي اللّه عنهم، فقالوا: إنه يقع به واحدة لا ثلاث، ودليل ذلك ما رواه مسلم عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكري، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. وهذا الحديث صريح في أن المسألة ليست اجماعية، وهو كذلك فإنه رأي ابن عباس وطاوس وعكرمة، وبعض المجتهدين. ومن القواعد الأصولية المقررة أن تقليد المجتهد ليس واجباً، فلا يجب الأخذ برأي مجتهد بعينه، وحينئذ يجوز تقليد أي مجتهد من مجتهدي الأمة الإسلامية في قول ثبتت نسبته إليه، ومتى ثبت أن ابن عباس قال ذلك فإنه يصح تقليده في هذا الرأي كتقليد غيره من الأئمة المجتهدين على أننا إذا قطعنا النظر عن التقليد ونظرنا إلى الدليل في ذاته فإننا نجده قوياً، لأن الأئمة سلموا جميعاً بأن الحال في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم كان كذلك، ولم يطعن أحد منهم في حديث مسلم، وكل ما احتجوا به أن عمل عمر وموافقة الأكثرين له مبني على ما علموه من أن الحكم كان مؤقتاً إلى هذا الوقت فنسخه عمر بحديث لم يذكره لنا، والدليل على ذلك الإجماع، لأن إجماع الصحابة يومئذ على الرضا بما عمله دليل على أنه أقنعهم بأن لديه مستنداً وليس من الضروري أن نعرف سند الإجماع، كما هو مقرر في الأصول، ولكن الواقع أنه لم يوجد إجماع، فقد خالفهم كثير من المسلمين، ومما لا شك فيه أن ابن عباس من المجتهدين الذين عليهم المعول في الدين، فتقليده جائز، كما ذكرنا، ولا يجب تقليد عمر فيما رآه، لأنه مجتهد وموافقة الأكثرين له لا تحتم تقليده، على أنه يجوز أن يكون قد فعل ذلك لتحذير الناس من ايقاع الطلاق على وجه مغاير للسنة فإن السنة أن تطلق المرأة في أوقات مختلفة على الوجه الذي تقدم بيانه، فمن تجرأ على تطليقها دفعة واحدة فقد خالف السنة، وجزاء هذا أن يعامل بقوله زجراً له.
وبالجملة فإن الذين قالوا: إن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع به واحدة لا ثلاث لهم وجه سديد وهو أن ذلك واقع في عهد الرسول، وعهد خليفته الأعظم أبي بكر. وسنتين من خلافة عمر رضي اللّه عنه واجتهاد عمر بعد ذلك خالفه فيه غيره، فيصح تقليد المخالف، كما يصح تقليد عمر، واللّه تعالى لم يكلفنا البحث عن اليقين في الأعمال الفرعية لأنه يكاد يكون مستحيلاً.
أما إذا قيد الطلاق بعدد دون الثلاث. فلا يخلو إما أن يصرح بذلك العدد أو ينويه، وعلى كل إما أن يكون الطلاق صريحاً أو كناية، وفي ذلك كله تفصيل المذاهب (2).
--------------------------
(1) (الحنفية - قالوا: العبرة في عدد الطلاق للنساء فلو تزوج الحر أمة يملك عليها طلقتين فقط لأن الأمة تنقص عن الحرة بواحدة، ولو تزوج العبد حرة، فإنه يملك ثلاث طلقات لأن الحرة لها ثلاث طلقات، فالرجل وإن كان يملك ولكن عدده يختلف بالنسبة للحرة والأمة فللحرة ثلاث ولو كان زوجها رقيقاً، وللأمة ثنتان ولو كان زوجها حراً).
(2) (الحنفية - قالوا: إذا قيد الطلاق الصريح بعدد صريح فإنه يعامل بذلك العدد، فإذا قال لها: أنت طالق اثنتين لزمه طلقتان بذكر العدد، فلو قال: أنت طالق وسكت، ثم قال: ثلاثاً أو اثنتين، فإن كان سكوته لضيق النفس لزمه العدد، وإن سكت باختياره فإنه لا يلزمه إلا واحدة، ومثل ذلك ما إذا كرر اللفظ بدون ذكر العدد، كما إذا قال لها: أنت طالق طالق فإنه يلزمه بذلك طلاقان متى كانت المرأة مدخولاً بها، أما إذا كانت غير مدخول بها فإنها تقع بها واحدة، لأنها تبين بها، فإذا قال: إنه نوى بالثاني الإخبار عن الأول ولم ينو طلاقاً ثانياً فإنه يصدق ديانة، بمعنى أنه لا يقع طلاق بينه وبين اللّه، ولكن القاضي لا يصدقه بل يحكم عليه بالطلقتين. ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أو قال لها: قد طلقتك، قد طلقتك. أو قال لها: أنت طالق وقد طلقتك.
ومن هذا يتضح أنه إذا قال لها: أنت طالق طالق طالق، أو قال لها: أنت طالق وطالق وطالق يلزمه ثلاث طلقات قضاء، سواء نوى بذلك طلقة واحدة، أو نوى ثلاثاً ولكن إذا نوى بالطلقة الأولى الطلاق وبالثانية والثالثة إفهامها أنه طلقها فإن بينه وبين اللّه لا تقع إلا واحدة. والحاصل أنه إذا كرر الطلاق، سواء كرره بالواو، أو بدون واو يتعدد الطلاق قضاء، ولا يسمع منه دعوى أنه نوى بالثاني الأول، ولكن إذا نوى بالثاني الأول فإنه يصح ديانة ولا تقع عليه إلا واحدة بينه وبين اللّه. فإذا قال لها: طلقتك فأنت طالق، وقال: إنه نوى بالثاني تفسير الأول يصدق قضاء وديانة، وذلك لأن الفاء موضوعة لذلك، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق واعتدي، فإنه إذا نوى بقوله: اعتدي أمرها بالعدة لزمته واحدة، وإن نوى بها طلقة ثانية لزمته طلقتان رجعيتان، لأن لفظ اعتدي من ألفاظ الكناية التي يقع بها طلاق رجعي، وإن نوى أكثر منها. أو نوى الطلاق البائن، فإن لم ينو شيئاً لزمه طلقتان، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق فاعتدي، فإن لم ينو شيئاً لزمته طلقة واحدة وحملت الثانية على أمرها بالعدة، وإذا جزأ عدد الطلقة بأن قال لها: أنت طالق نصف طلقة. أو ثلثها، أو ربعها أو ثمنها، أو جزءاً من ألف جزء، أو من مائة ألف جزء، وهكذا فإنه يقع به طلقة كاملة فإذا جزأ الطلقة كما إذا قال: أنت طالق نصف ربع سدس طلقة، فإن كان بدون حرف الواو لزمته به طلقة واحدة بشرط أن لا يزيد عدد الأجزاء على واحدة، فإن زاد ولو جزءاً يسيراً حسب الزائد طلقة ثانية. وإذا أضاف الطلاق إلى ضمير الطلقة وعدد الأجزاء كان الحكم كذلك، مثلاً إذا قال لها: أنت طالق نصف تطليقة وثلثها لزمه طلقة واحدة، لأن مجموع الأجزاء أقل من واحدة، أما إذا قال لها: أنت طالق نصف تطليقة وثلثها وربعها فإنه يلزمه طلقتان، وذلك لأن هذه الأجزاء تزيد نصف سدس عن الواحد، فتقع به طلقة: وقيل: لا يحسب.
هذا إذا أضاف الطلاق إلى الضمير، كما عرفت، أما إذا أضافه إلى الطلقة بأن قال: أنت طالق نصف طلقة، وثلث طلقة، وربع طلقة، فإنه يقع بكل كلمة من هذه الكلمات طلقة، وعلى هذا تطلق منه ثلاثاً، بشرط أن يذكر واو العطف وأن تكون الزوجة مدخولاً بها، فإذا قال: أنت طالق نصف طلقة بدون ذكر واو العطف وقعت به طلقة واحدة ما لم تزد الأجزاء على واحدة، فإنه يحسب كمل تقدم في صدر العبارة.
والحاصل أن في هذه المسألة أربع صور: الصورة الأولى أن يكون المطلق فقهياً متفلسفاً أو يكون هازلاً، أو يكون حسابياً، فيقول لامرأته: أنت طالق نصف طلقة، أو يذكر لها جزءاً يسيراً كأن يقول لها: أنت طالق جزءاً من مائة ألف من الطلقة، وفي هذه الصورة تطلق منه واحدة.
الصورة الثانية: أن يعدد لها الأجزاء بدون حرف العطف، كأن يقول لها: أنت طالق ثلث طلقة، ربع طلقة، خمس طلقة، وفي هذه الحالة تحسب الأجزاء التي ذكرها، فإن كانت تساوي طلقة أو أقل حسبت طلقة وإن زادت عن طلقة ولو جزءاً يسيراً حسب الزائد طلقة ثانية، وهكذا.
الصورة الثالثة: أن يعدد الأجزاء مضافة إلى الضمير مع ذكر واو العطف أو عدمه، كأن يقول: أنت طالق تطليقة، وثلثها، وخمسها، وربعها، وفي هذه الصورة خلاف، فبعضهم يقول: إذا زادت الأجزاء حسب الزائد واحدة، وبعضهم يقول: لا يحسب، لأن اتحاد المرجع يجعله ناطقاً بالجزء الأول فقط، فلا يحسب عليه غيره.
الصورة الرابعة: أن يعدد الأجزاء مضافة إلى الطلقة مع ذكر حرف العطف، بأن يقول لها أنت طالق نصف طلقة، وسدس طلقة، وربع طلقة، وفي هذه الحالة يقع عليه الثلاث، وذلك أن أضاف جزء العدد، وهو النصف، أو السدس، إلى طلاق منكر، فيكون غير الأول، لأن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، فكل جزء نطق به مضافاً إلى الطلاق يحسب عيه طلاقاً، وهذا بخلاف ما إذا أضافه إلى الضمير، لأن الضمير يكون عائداً إلى الجزء الأول بعينه، فلا يحسب إلا الأول، وهذا كله إذا كانت الزوجة مدخولاً بها، فإن لم تكن مدخولاً بها فلا يقع عليه إلا واحدة، كما عرفت.
وإذا فرض وغلبت فلسفة الحساب على شخص وقال لامرأته: أنت طالق ثلاث أنصاف طلقتين ففي ذلك خلاف، فبعضهم يقول: إنها تطلق ثلاثاً، وذلك لأن نصف التطليقتين واحدة، فثلاثة الأنصاف ثلاث تطليقات، لأن كل نصف على حدته طلقة، وبعضهم يقول أنها تطلق ثنتين فقط، وذلك لأننا إذا قسمنا التطليقتين إلى أنصاف كانت كل تطليقة نصفين، فتكون التطليقتان أربعة أنصاف، فثلاثة أنصافها طلقة ونصف فيقع عليه طلقتان، لأن النصف يحسب طلقة، ولكن الظاهر هو الأول، وذلك لأننا إذا قلنا: ثلاثة أنصاف طلقتين كان معناه ثلاثة أنصاف مجموع الطلقتين ونصف مجموع الطلقتين كاملة، فثلاثة أنصاف ثلاث طلقات، نعم إذا قال: أنت طالق ثلاثة أنصاف كل تطليقتين، كان معناه أننا ننصف كل طلقة على حدة فتكون الطلقة نصفين وثلاثة الأنصاف طلقة ونصف، فيقع به طلقتان. وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة لزمه طلقتان، وذلك لأن الطلقة الواحدة تشتمل على نصفين فتحسب واحدة، والنصف الثالث يقع به واحدة كاملة، لما عرفت من أن جزء الطلقة طلقة كاملة ولو كان يسيراً وكذا إذا قال لها: أنت طالق أربعة أثلاث طلقة، أو خمسة أرباع طلقة فإنه يلزمه طلقتين، وذلك لأن الطلقة الكاملة ثلاثة أثلاث فزاد عليها ثلثاً وربعاً تلزمه به طلقة كاملة، ومثله خمسة أرباع كما هو ظاهر. وإذا قال لها: أنت طالق نصفي طلقتين فإنه يلزمه طلقتان، وذلك أن كل نصف يعتبر طلقة كاملة.
وإذا فرض وقال شخص حسابي لزوجته: أنت طالق من واحدة إلى اثنتين، أو أنت طالق ما بين واحدة إلى ثنتين، أو قال: من واحدة إلى ثلاث، فإنه يقع به المثال الأول واحدة، وفي المثال الثاني ثنتان عند الأمام، ويقع في الأول ثنتان، وفي الثاني ثلاث عند الصاحبين، ولا يقع في الأول شيء، ويقع في الثاني واحدة عند زفر، وذلك لأن الإمام يقول: إن الطلاق من الأمور المحظورة لأنه لا يباح إلا عند الحاجة، والشيء المحظور إذا كان له مبدأ ونهاية وإن شئت قلت: وكان له غايتان دخلت الغاية الأولى دون الغاية الثانية، فإذا قال لها، أنت طالق من واحدة إلى ثنتين دخلت الغاية الأولى، وهي الواحدة، ولم تدخل الغاية الثانية التي بعد - إلى - وهي ثنتان، وإذا قال لها: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث لم تدخل الغاية الثانية، وهي الثلاث، ودخل ما دونها وهي الواحدة والثانية فيلزمه طلقتان، أما إذا كان المعدود مباحاً، كما إذا قال له: خذ من مالي من جنيه إلى جنيهين، فإن اللفظ يتناول الغايتين، فله أن يأخذ الثلاثة المذكورة في الغاية الأولى والغاية الثانية.
والحاصل أن الإمام يقول: إنه إذا قال لزوجته: أنت طالق من واحد إلى ثلاث دخلت الثنتان في كلامه بلا خلاف، لأنها وسط بين الواحدة والثلاث، فهي التي يدل عليها اللفظ والمقصودة منه، أما الواحدة والثلاث، وهما الغاية الأولى والغاية الثانية فإن اللفظ لا يتناولهما في المحظور، لأن الحظر كالقرينة على عدم إرادة ما هو خارج عن مدلول الكلام، وكان من مقتضى هذا أن لا تدخل الغاية الأولى، وهي الواحدة، كما لا تدخل الغاية الأخيرة، وهي الثلاث، ولكن لما كانت الطلقة الثانية المقصودة من الكلام لا يمكن تحقيقها إلا بالطلقة الأولى، إذ لا يمكن أن توصف الطلقة بالثانية إلا بعد وصفها بالأولى، دخلت الغاية الأولى للضرورة كي تترتب عليها الثانية، أما الثالثة فلا حاجة إليها، فإن الثانية تتحقق بدونها.
هذا إذا كان بين الغايتين وسط، كما ذكرنا، أما إذا لم يكن بينهما وسط، كقوله: أنت طالق من واحدة إلى ثنتين، فإنه يقع واحدة بلفظ طالق، ويلغو من واحدة إلى ثنتين. إذا لا ضرورة لإدخال الغاية الأخيرة، أما الغاية الأولى فإنها تدخل لأنها لا تزيد على معنى طالق شيئاً أما زفر فإنه يقول: إذا قال شخص لآخر: بعتك من هذا الحائط إلى هذا الحائط لا يدخل الغايتان باتفاق، إذ الحد لا يدخل في المحدود، وعلى قياس هذا إذا قال لها: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث خرج الحد الأول، وهو الواحدة، والحد الثاني، وهو الثلاث، ووقع ما بينهما، وهو الثنتان وإذا قال لها: أنت طالق من واحدة إلى ثنتين لم يقع به شيء، إذ لا وسط بين الواحدة والثنتين، والغايتان خارجتان من الكلام، وهذا هو القياس، ولكن الإمام نظر إلى العرف فوجد أنه يستعمل ما له حدان ووسط في إرادة الأقل من الأكثر، والأكثر من الأقل. مثلاً إذا قال شخص: معري من أربعين إلى خمسين، كان غرضه أنه أكثر من أربعين وأقل من خمسين فإذا قال شخص لزوجته: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث كان معنى قوله أنها طالق أكثر من واحدة وأقل من ثلاث، وهما الثنتان، فعمل بالعرف استحساناً.
وإذا قال لها: أنت طالق واحدة في ثنتين، فإن ذلك اللفظ يحتمل ثلاثة معان:
أحدها: معنى الواو، فكأنه قال لها: أنت طالق واحدة وثنتين، فإذا نوى هذا المعنى لزمه ثلاث طلقات إذا كانت الزوجة مدخولاً بها، والمراد بالمدخول بها هنا الموطوءة أو المخلو بها، لأن الخلوة كافية في لحوق الطلاق الثاني، أما إذا كانت غير موطوءة وغير مخلو بها، فإنه يقع عليها واحدة فقط، وذلك لأنها تبين بقوله: واحدة، فقوله بعد ذلك: وثنتين لا تصادف محلاً، فلا يقع بها شيء.
ثانيها: معنى - مع - فكأنه قال لها: أنت طالق واحدة مع ثنتين، فإذا نوى هذا المعنى لزمه ثلاث طلقات مطلقاً، سواء كانت مزوجة مدخولاً بها. أو لا، وذلك لأنه أوقع الثلاث دفعة واحدة، فحلت عصمة الزوجية في المدخول بها وغيرها بدون فرق، فلم تبن غير المدخول بها بواحدة وتصبح غير محل للحوق ما بعدها.
ثالثها: معنى الضرب. وتحته صورتان: الصورة الأولى أن يتكلم بعرف أهل الحساب كما هو المفروض، وفي هذه الحالة يلزمه ثنتان، وذلك لأن عرف أهل الحساب تضعيف أحد العددين بعدد آخر، فقوله: واحدة في ثنيتن معناه تضعيف الواحدة بجعلها ثنتين، فيلزمه الثنتان، وهذا هو التحقيق، لأن هذا اللفظ في عرف علماء الحساب صريح في هذا المعنى، فمتى أراد بكلامه عرفهم لزمه معناه، فلا يقال: إن لفظ - في - معناه الظرفية الحقيقية، والثنتان لا تصلح ظرفاً، فالعبارة في ذاتها لا تصلح لإرادة التطليقتين منها حتى ولو نواهما، كما إذا قال: اسقني، ونوى به الطلاق، فإنه لا يلزمه به شيء، وذلك لأنك قد عرفت أن لفظ واحدة في ثنتين في عرف أهل الحساب مستعمل في تضعيف العدد صريحاً. الصورة الثانية: أن لا يتكلم بعرف أهل الحساب، بل ينوي تكثير أجزاء الطلقة الواحدة كما هو المتبادر من اللفظ، وحين إذ يلزمه طلقة واحدة، لأن تكثير أجزاء الطلقة الواحدة لا يخرجها عن كونها واحدة، ومثل ذلك ما إذا لم ينو شيئاً فإنه يلزمه طلقة واحدة بقوله، أنت طالق لأنه يقع به واحدة وإن لم ينو. أما إذا قال لها: أنت طالق ثنتين في ثنتين فإنه إذا نوى به معنى الواو، فكأنه قال: ثنتين وثنتين، وفي هذه الحالة يلزمه ثلاث في المدخول بها وثنتان في غيرها، وإذا نوى معنى - مع - لزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها، وإذا نوى الضرب على عرف أهل الحساب لزمه الثلاث وإلا لزمه ثنتان.
هذا كله إذا قيد الطلاق الصريح بعدد صريح، أما إذا قيده بإشارة تدل على العدد، فإن هذه المسألة على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن يذكر ما يدل على الإشارة لفظاً ويشير إلى العدد بأصابعه، وتحت هذا صورتان الصورة الأولى أن ينطق بلفظ - هكذا - فيقول: أنت طالق هكذا ويشير بأصابعه الثلاث، وفي هذه الحالة يقع العدد الذي أشار إليه بقوله: هكذا من أصابعه، فإن أشار إلى أصبع واحد وقعت واحدة، وإن أشار إلى أصبعين وقع ثنتان وإن أشار إلى ثلاثة وقع ثلاث فإن فتح ثلاثة أصابع من أصابع يده وضم ثنتين، وقال: إنه أشار إشارة إلى المضمومتين، فإنه لا يصدق قضاء، بل يقع عليه الثلاث، لأن الظاهر يقتضي أنه أشار إلى أصابعه المنشورة لا المضمومة، ولكنه يصدق ديانة فيقع عليه ثنتان بينه وبين اللّه تعالى، ومثل ذلك ما إذا قال: إنه نوى الإشارة إلى كفه، فإنه لا يصدق قضاء وتقع عليه واحدة رجعية إن كان صادقاً بينه وبين اللّه تعالى، نعم إذا نشر أصابعه الخمسة كلها، وقال: أنه أراد الكف، فإنه يصدق قضاء لأن الطلاق ثلاث فقط، فنشر الخمسة قرينة على أنه لم يرد العدد، فيصدق قضاء بأنه أراد التشبيه بالكف فتلزمه واحدة رجعية، ومثل ذلك ما إذا ضم أصابعه فإنه يصدق قضاء في قوله: انه أراد التشبيه بالكف فقط.
الصورة الثانية: أن ينطق - مثل - فيقول: أنت طالق مثل هذا، ويشير إلى أصابعه الثلاث المنشورة، وفي هذه الحالة ينظر إلى نيته، فإن نوى تشبيه الطلاق بعدد الأصابع الثلاث لزمه ثلاث أما إذا نوى المثلية في الشدة، أو لم ينو شيئاً فإنه يلزمه طلقة واحدة بائنة، لأنه وصفها بالشدة والفرق بين قوله: أنت طالق هكذا، وأنت طالق مثل هذا أن الكاف للتشبيه في الذات. ومثل للتشبيه بالوصف، فقوله: هكذا معناه مثل الأصابع الثلاث في العدد، أما قوله، مثل هذا فمعناه مثل هذا في شدته، فإذا نوى به الثلاث لزمته.
الوجه الثاني: أن يقول، أنت طالق ويشير بأصابعه الثلاث، ولكن لم يقل، هكذا. أو مثل هذا، ويقع بهذا طلقة واحدة ولو نوى الثلاث، وذلك لأن الطلاق لا يتحقق بدون لفظ، فكذلك عدده لا يتحقق بدون لفظ يدل عليه.
الوجه الثالث: أن يقول: أنت هكذا، مشيراً بأصابعه، ولكنه لم يقل: طالق، وقد اختلف في هذا، فبعضهم قال: إنه لغو لا يقع به شيء ولو نوى به الثلاث، وحجة هذا القائل أن الطلاق لا يتحقق عند الحنفية إلا باللفظ الذي يشعر به، ولو نوى به الطلاق، والإشارة بالأصابع الثلاث ليس فيها أي إشعار بالطلاق لا صريحاً ولا كناية، فلا يلزمه بذلك شيء ولو نواه، كما لا يلزمه بقوله: كلي، واشربي. ونحو ذلك إذا نوى به الطلاق.
وعندي أن هذا التعليل وجيه، وقد عرفت في الوجه الثاني أن الطلاق لا يتحقق بدون لفظ يدل عليه أو يشعر به، فإن لم يوحد لفظ كذلك فإن النية لا يعول عليها.
وبعضهم قال: إنه يقع به ما نواه، فإذا نوى الثلاث لزمته، وعلل ذلك بأن الإشارة بالأصابع الثلاث قائمة مقام عدد الطلاق المقدر، فكأنه قال: أنت طالق ثلاثاً، ولا يخفى ما في هذا من تعسف وخروج عن القاعدة الأولى، وهو أن الطلاق لا يتحقق إلا باللفظ الذي يدل عليه، أما كونه يقدر لفظاً نواه، فإنه يصح أن يدعي ذلك في كل لفظ، فالقواعد تؤيد الرأي الأول.
هذا، وقد عرفت أن النية لا تعمل في الصريح، فإذا قال لها: أنت طالق ونوى به ثنتين أو ثلاثاً فإنه لا يقع به إلا واحدة، وقد عرفت أيضاً أنه إذا نوى بالطلاق معنى الطلاق من القيد ونحوه، فإنه لا يعتبر قضاء وينفع ديانة.
هذا إذا ذكر لفظ طالق، أما إذا ذكر المصدر كأن قال لها: أنت الطلاق، أو أنت طلاق فإنه يقع به واحدة رجعية كذلك إن لم ينو، أو نوى واحدة، وكذا إذا نوى اثنتين فإنه يقع واحدة بخلاف ما إذا نوى به الثلاث فإنه يقع عليه ما نواه، وذلك لأن قوله: أنت طلاق، أو أنت الطلاق مصدر موضوع للوحدة. أو للجنس الصادق بالكثير والقليل، فلا يصح تقييده بالاثنينية، لأن الاثنين عدد محض ينافي الوحدة، فصح إرادة الثلاث منه دون الاثنين. أما الكنايات فقد عرفت أقسامها وأحكامها فيما مضى، ومنها أن جميع ألفاظ الكنايات يقع بها الطلاق بائناً، ما عدا ألفاظ ذكرت هناك، فإن الطلاق يقع بها رجعياً، ثم إن بعضها لا يقع بها إلا بالنية، فإن ذكر لفظاً منها ولم ينويه طلاقاً وقرنه بعدد اثنين أو ثلاثة فإنه يكون مهدراً وإن نوى به طلاقاً ووصفه بعد صريح لفظاً فإنه يلزمه ما نواه وما نطق به كما إذا قال لها: أنت بائن ثنتين أو ثلاثاً ونوى ببائن الطلاق فإنه يلزمه ما نطق به، أما إذا نوى بلفظ بائن الطلاق ونوى به أكثر من واحدة، فإن نوى ثنتين فإنه لا يلزمه إلا واحدة، وإن نوى ثلاثاً تلزمه الثلاث. وقد تقدم تعليل ذلك في القسم الثالث من الكنايات فارجع إليه.
المالكية قالوا: إذا قيد الطلاق الصريح بعدد صريح كقوله: أنت طالق ثنتين أو ثلاثاً لزمه العدد الذي صرح به طبعاً، وكذا إذا نواه بأن قال: أنت طالق ونوى به ثلاثاً أو ثنتين فإنه يلزمه ما رواه، أما إذا لم ينو فإنه واحد، كما تقدم في الصريح، فإن كرر الطلاق لفظاً فإنه يحتمل حالتين: الحالة الأولى أن يكرره بدون عطف. الحالة الثانية: أن يكرره بحرف العطف فأما الحالة الأولى ففيها ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يقول لها: أنت طالق، طالق، طالق، بدون عطف وبدون تعليق، وحكم هذه الصورة أنه يقع بها واحدة إذا نوى بالثانية والثالثة التأكيد، سواء كانت الزوجة مدخولاً بها أو لا. ويصدق في قوله بيمين في القضاء وبغير يمين في الفتوى، ثم إن كانت الزوجة مدخولاً بها فإنه يصدق، ولو فصل فاصل بين قوله: طالق الأولى، وطالق الثانية أو الثالثة، ولو طال الفصل، أما في غير المدخول بها فإنه يلزمه الثاني إلا إذا ذكر ألفاظ الطلاق متتابعة بدون فاصل، ولا يضر الفصل بنحو السعال، وهذا هو المذهب عند بعضهم، وبعضهم يشترط أن يذكر ألفاظ الطلاق منسقة، أي متتابعة بدون فصل في المدخول بها وغيرها، فإذا قال: أنت طالق ثم سكت مدة، وقال: أنت طالق، ثم قال: أنه نوى بالثانية التأكيد فإنه لا يصدق، وفي هذه الحالة إن كانت مدخولاً بها وقع عليه ثنتان أو ثلاث إن ذكر ثلاثة ألفاظ، وإن كانت غير مدخول بها لزمته واحدة بائنة لأن الثانية لا تلحق.
الصورة الثانية: أن لا ينوي التأكيد، سواء نوى بكل واحدة طلقة على حدة. أو لم ينو شيئاً وفي هذه الحالة يلزمه الثلاث في المدخول بها، سواء ذكر الألفاظ الثلاثة متتابعة، أو فصل بينها بفاصل، أما إذا كانت غير مدخول بها فإنه يلزمه الثلاث إن ذكرها متتابعة، وإذا فصل بينها فلا يلزمه إلا واحدة، لما عرفت من أنها تبين بها فلا يلحقها ما بعدها.
الصورة الثالثة: أن يعلق الطلاق المكرر بدون عطف على شيء، وتحت هذه الصورة أمران:
الأمر الأول: أن يعلقه على شيء متحد، كأن يقول: أنت طالق، طالق، طالق، إن كلمت زيداً بكلمة، وحكم هذا إن نوى التأكيد لزمته طلقة واحدة، وإن لم ينو التأكيد بأن نوى الثلاث أو لم ينو شيئاً لزمته الثلاث.
الأمر الثاني: أن يعلقه على شيء متعدد، كأن يقول: أنت طالق إن كلمت زيداً. أنت طالق إن دخلت الدار. أنت طالق إن سافرت مع أبيك، وحكم هذا أنه يلزمه الثلاث ولا ينفعه نية التأكيد لتعدد المحلوف عليه.
أما الحالة الثانية، وهي ما إذا كرره بحرف العطف،سواء كان بالواو، أو الفاء، أو ثم، كأن قال لها: أنت طالق، طالق، طالق، أو ثم طالق وطالق الخ، فإن كانت مدخولاً بها فإنه يلزمه الثلاث، ولا يصدق في قوله: أنه نوى التأكيد، سواء ذكر الألفاظ متتابعة منسقة أو لا وسواء لم يكرر لفظ أنت، كما مثلنا، أو كرره، بأن قال: أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق أما إذا كانت غير مدخول بها يلزمه الثلاث إن ذكر الألفاظ متتابعة بدون فاصل وإلا لزمته واحدة.
هذا، وإذا جزأ عدد الطلاق، كما إذا قال لها: أنت طالق نصف طلقة، أو جزء طلقة لزمه طلاق كامل، ولو قال لها: أنت طالق نصف طلقتين لزمته طلقة واحدة، لأن نصف الطلقتين طلقة كاملة، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق نصفي طلقة، فإنه يقع به واحدة، لأن للنصفين طلقة كاملة فإذا زادت الأجزاء عن طلقة لزمه طلقتان أو أكثر بحسب زيادة الأجزاء، فإذا قال لها: أنت طالق نصف وثلثا طلقة لزمه طلقتان لأن النصف والثلثين أكثر من الواحدة، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة لأن ثلاثة أنصاف طلقة تشتمل على طلقة، ونصف فيقع بها ثنتان لأن الجزء يقع به واحدة كاملة، وكذا إذا قال لها: أنت طالق أربعة أثلاث طلقة، لأن أربعة أثلاث تشتمل على واحدة وثلث، وهكذا.
فإذا ذكر أجزاء أقل من واحدة بحرف العطف وأضافها إلى طلقة واحدة فإنه يلزم بها واحدة كما إذا قال لها: أنت طالق نصف وثلث طلقة، أما إذا أضاف كل جزء إلى لفظ طلقة، كما إذا قال لها: أنت طالق نصف طلقة، وثلث طلقة فإنه يقع بكل لفظ منها طلقة، فيلزمه ثنتان، وهكذا، والفرق أنه في العبارة الأولى أضاف الكسرين إلى طلقة واحدة وهما أقل من واحدة فلزمه واحدة وفي العبارة الثانية أضاف كل كسر إلى طلقة. فكان اللفظ مستقلاً بالعبارة فيقع بكل لفظ طلقة. وإذا كان عالماً بالحساب، وقال لها: أنت طالق في واحدة لزمته طلقة واحدة، لأن نتيجة ضرب طالق واحدة وواحدة، وإذا قال لها: أنت طالق واحدة في ثنتين، وكان عالماً بالحساب لزمه ثنتان لأنهما نتيجة ضرب الواحدة في اثنتين، وإلا فإنه يلزمه ثلاثة فكأنه قال: واثنتين، وإذا قال لها: أنت طالق اثنتين في اثنتين لزمه ثلاث طلقات، عرف الحساب، أو لم يعرف.
هذا، أما نية العدد مع الكناية فقد تقدمت مفصلة، فارجع اليها.
الشافعية - قالوا: إذا قيد الطلاق الصريح بعدد لزمه، فإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً أو ثنتان لزمه ذلك العدد، وقد تقدم في الكناية أنه لو نوى بقوله: أنت طالق أكثر من واحدة لزمه ما نواه، حتى لو قال: أنت طالق واحدة، ونوى به ثنتين، أو ثلاثاً لزمه ما نواه، وكذا إذا قال لها: أنت طالق ثنتين فإنه إذا نوى به ثلاثاً وقع الثلاث وبعضهم يرى أنه إذا قيد اللفظ بواحدة أو ثنتين فإن نية الزائد تلغو ولا يعمل بها، حملاً للفظ على ظاهره وقد تقدم الكلام على الكنايات، فارجع إليه.
أما إذا كرر الطلاق، كأن قال: أنت طالق، أنت طالق،أنت طالق، أو قال: أنت طالق طالق ولم يكرر لفظ - أنت - فإن له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يذكر الكلمات المكررة بدون حرف العطف متتابعة بحيث لا يفصل بين كل كلمة وأخرى بفاصل، بل يكون الكلام متصلاً في العرف، فلا يعتبر الفصل سكتة التنفس وانقطاع الصوت، والعي، لأن الفصل بمثل هذا لا يخرج الكلام عن كونه متصلاً عرفاً، أما الذي يخرجه عن كونه متصلاً فهو أن يفصل باختياره بحيث ينسب إليه أنه قطع الكلام عرفاً، وتحت هذه الحالة أربع صور:
الصورة الأولى: أن يقصد بالتكرار تأكيد قوله: أنت طالق الأولى بقوله أنت طالق الثاني وأنت طالق الثالث، بمعنى أنه ينوى تأكيد اللفظ الأول باللفظين الأخيرين معاً، وفي هذه الصورة تلزمه طلقة واحدة، لأنه نوى تأكيد الأول بالثاني و الثالث فلم ينشئ طلاقاً جديداً والتأكيد مهم في جميع اللغات.
الصورة الثانية: أن يؤكد الأول بالثاني فقط، ثم ينشئ طلاقاً بالثالث. أو لم ينو به شيئاً وفي هذه الصورة يلزمه طلقتان: طلاق بالعبارة الأولى. وطلاق بالعبارة الثالثة التي استأنف بها طلاقاً. أو طلق ولم ينو بها شيئاً، أما العبارة الثانية فإنها لا تحسب ع
وقال بعضهم: إذا نوى طلاقها لزمه الطلاق، وذلك لأن نية الطلاق تجعل الإضافة إلى المرأة موجودة، فكأنه قال: حلفت بالطلاق منك أو بطلاقك، ولكن بعض المحققين من شيوخنا رجح الرأي الأول، وجعله مدار الفتوى، مستدلاً بأن المذهب اشترط إضافة الطلاق إلى المرأة بذكر اسمها أو ما يدل عليها من ضمير أو اسم إشارة، أو لفظ عام، أما نية الإضافة فإنها لا تكفي وعلى هذا لا تعتبر صيغة الطلاق إلا إذا ذكر فيها ما يدل على المطلقة، ولا يرد أن العرف قد استعمل كلمة عليّ الطلاق، وعليّ الحرام في تطليق الزوجة، والعرف يعمل به عند الحنفية، فينبغي أن يقع به الطلاق بدون إضافة، والجواب أن العرف لا يعول عليه إذا ناقض نصاً صريحاً أو خالف شرطاً من الشروط. وقد عرفت أنهم قد اشترطوا أن يضاف الطلاق إلى المرأة لفظاً لا نية، بأن يذكر ما يدل عليها من اسم صريح، أو ضمير، أو نحو ذلك، ومتى ثبت ذلك فلا معنى للعمل بالعرف الذي يناقض هذا الشرط، وهذا الرأي حسن، وينبغي أن يعمل به في زماننا خصوصاً بعد أن أصبح معمول به في القضاء والافتاء أن تعليق الطلاق يبطله، فلو فرضنا ونظرنا إلى العرف فإنه الآن قد أصبح متعارفاً بين الناس أن - عليّ الطلاق - لا يقع به الطلاق حتى لو أضافه إلى المرأة، كما أنه أصبح متعارفاً بين الناس أن الطلاق الثلاث لا يقع به إلا واحدة، فالنظر إلى العرف يقضي أن تكون الفتوى الآن على أن الطلاق المعلق المضاف لا يقع به شيء عند الحنفية، وأن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة لا يقع به إلا واحدة عندهم.
ويتفرع على اشتراط إضافة الطلاق إلى المرأة أن الرجل إذا أضاف الطلاق إليه دونها فإنه يلغو ولا يعمل به، مثلاً إذا قال لها: أنا منك طالق، أو أنا منك بريء لا يقع به شيء ولو نوى به طلاقها لأنه أضاف الطلاق إلى نفسه والرجل ليس محلاً للطلاق، بخلاف ما إذا قال لها: أنا منك بائن، أو منك حرام أو أنا عليك حرام وذلك لأن معنى الإبانة الانفصال وإزالة ما بينهما من وصلة ومعنى التحريم إزالة حل الاستمتاع الحاصل بينهما، ولا يخفى أن المعنيين مشتركان بين الرجل والمرأة، فيصح نسبتهما إلى كل واحد منهما، فلو قال أنا بائن ولم يقل منك، أو قال أنا حرام ولم يقل عليك فإنه لا يقع به شيء ولو نوى الطلاق، لأنه لم يضفه إلى المرأة بل أضافه إلى نفسه فقط. والشرط أن يضيفه إليها، فإذا قال لها: أنت بائن ولم يقل مني، أو قال: أنت حرام ولم يقل علي، فإنه يلزمه بالنية، لأنك قد عرفت أن هذه الألفاظ من باب الكنايات، على أنه إذا جعل الزوج أمر طلاق المرأة بيدها وقالت له: أنت بائن مني ولم تقل وأنا منك بائنة، فإنها لا تطلق وذلك لأنها وإن حلت محل الزوج في إيقاع الطلاق، ولكنها لم تضف الطلاق إلى نفسها فلا يقع.
وبهذا تعلم أن الطلاق الصريح إذا أضافه إليه لا يقع حتى ولو أضافه إليها أيضاً، وأن الكناية التي يكون معناها مشتركاً بينهما إذا أضافها إليه وإليها ونوى بها الطلاق وقع، كأنا منك بائن، وإذا أضافها إليها وحدها دونه فإنه يصح ويقع، كما إذا قال لها: أنت بائن أنت حرام وإذا أضافها إليه وحده كأنا بائن فإنه لا يقع بها شيء، وإذا جعل أمرها بيدها فإنه لا يقع إلا إذا أضافته إلى نفسها وأضافته إليه، فيقول: أنا منك بائنة، أنت مني بائن، أنا حرام عليك، أنت حرام علي.
والحاصل أن الحنفية قالوا: يشترط لإيقاع الطلاق أن يضاف إلى المرأة بأن يأتي باسمها، أو يأتي بالضمير الدال عليها، سواء كان ضمر خطاب كأنت طالق، أو ضمير غيبة، كهي إذا أعاد الضمير عل امرأته، أو اسم إشارة عائد إليها، كهذه طالق، فهذه الألفاظ تدل على المرأة وضعاً، ويقوم مقام ذلك ذكرها بجزئها، بشرط أن يكون ذلك الجزء شائعاً في بدنها، كالنصف، والثلث، والربع، أو يعبر به عن المرأة، بمعنى أنه يشتهر التعبير بذلك الجزء عن جميع الذات، وذلك، كالرقبة والعنق، والبدن، والجسد، والفرج، والوجه، والرأس، فإن هذه الألفاظ قد اشتهر استعمالها في ذات الإنسان، فأما الفرج فقد ورد "لعن اللّه الفروج على السروج" وأما غيره من الألفاظ فاستعمالها في الذات ظاهر، فلا يقع بالإضافة إلى المرأة إلا إذا وجد أحد الأمرين: الإضافة إلى الجزء الشائع من نصف وثلث الخ، لأن الطلاق لا يتجزأ، أو الإضافة إلى جزء اشتهر استعماله في الكل حتى أصبح حقيقة عرفية. أما إذا لم يكن جزءاً شائعاً، أو لم يكن جزءاً يستعمل في الكل عرفاً فإنه لا يقع به الطلاق إلا إذا نوى به المجاز، بأن ينطق بالجزء وينوي به الكل لعلاقة الجزئية، فإذا قال: يدك طالق ولم تكن اليد مشتهرة في التعبير بها عن الكل عند الناس لا تطلق إلا إذا أراد باليد جميع المرأة ومثل اليد الرجل، والفخذ، والشعر، والأنف، والسن، والريق، والعرق، والثدي، والدبر. أما الاست فقد قالوا: إنه يقع به لأنه وإن كان مرادفاً للدبر، ولكن اشتهر استعماله في جميع المرأة، ومثله البضع، فإنه وإن كان مرادفاً للفرج ولكن لا يقع به لأنه لم يشتهر استعماله في الجميع. وكذلك الظهر، والبطن، فإنهما لم يشتهر استعمالهما في الكل فلا يقع بهما، فإذا اشتهر استعمالهما في الكل عند قوم وقع بهما بدون نية المجاز. فالمدار على شهرة استعمالها في الكل بحيث لو اشتهر استعمال اليد في الكل وقع بها بدون نية المجاز وهكذا.
وبالجملة فأجزاء الجسم منها ما يقع به الطلاق بدون نية المجاز، وهي الأجزاء الشائعة والأجزاء التي اشتهر استعمالها في الكل بدون قرينة، كالرقبة الخ، ومنها ما يقع به الطلاق إذا نوى به استعماله في جميع البدن كاليد ونحوها. ومنها ما لا يقع به شيء حتى ولو نوى به جميع البدن، كالريق، والسن، والشعر، والظفر، والعرق لأن هذه لم يعهد التعبير بها عن الإنسان. ومثلها الأجزاء الباطنية التي لا يستمتع بها، كالقلب، والكبد، والطحال، فإنه إذا أضاف الطلاق إليها لا يقع ولو نوى بها جميع بدنها.
هذا، وإذا قال لها: روحك طالق أو نفسك طالق، فإنها تطلق لأنهما يعبر بهما عن الكل، كما لا يخفى.
الشافعية - قالوا: إذا قال لزوجته: طالق، ولم يقل أنت، فإنه لا يقع به الطلاق، ولو نوى تقدير أنت إلا إذا قال: - طالق - في جواب سؤال المرأة طلاقها، فإذا قالت له: هل تطلقني؟ فقال لها: طالق لزمه الطلاق حينئذ، ومثل ذلك ما إذا قال لها: حرام علي ولم يقل: أنت، فإنه لا يقع به الطلاق، ولو نوى تقدير أنت، وهذا بخلاف عليّ الطلاق، أو الطلاق يلزمني، أو عليّ الحرام أو الحرام يلازمني لا أفعل كذا، فإنه يقع به الطلاق، وإن لم يضفه إلى المرأة، فلا يشترط في إيقاعه عندهم أن: علي الطلاق من فلانة، أو منك، أو من امرأتي، بل لو قال: علي الطلاق وسكت فإنه يكون بمنزلة أنت طالق على الصحيح، وبعضهم يقول: إنه لا يقع به الطلاق إلا بالنية فهو من باب الكناية لا من باب الصريح، فلو قال لزوجته: أنا منك طالق وأضاف الطلاق إلى نفسه لا إليها ونوى به الطلاق فإنه يقع، وقد عرفت أن الرجل وإن كان ليس محلاً للطلاق ولكن لما كان مقيداً بالنسبة لزوجته من بعض الوجوه بحيث لا يجوز له أن يتزوج أختها أو يتزوج خامسة عليها إن كان متزوجاً لأربع، فإنه يصح أن ينسب إليه الطلاق، فيقال: إنه طالق من هذا القيد، فإذا نوى به الطلاق لزمه، وكذا إذا قال لها: أنا منك بائن، ونوى به الطلاق فإنه يلزمه الطلاق.
وكما يقع الطلاق بإضافته إلى المرأة يقع بإضافته إلى جزئها المتصل بها، كيد، وشعر، وظفر، ودم، وسن، فخرج بقوله: جزئها إضافة الطلاق وإلى فضلتها كريقها، ومنيها، ولبنها، وعرقها، فإنه لا يقع به شيء، وبقوله: المتصل بهذا الجزء المنفصل، كما إذا قال لمقطوعة اليمين: يمينك طالق فإنه لا يقع به شيء.
المالكية - قالوا: كل لفظ ينوي به الطلاق يقع به الطلاق، فلو قال: طالق بدون إضافة إلى المرأة أو إلى جزئها ونوى طلاقها واحدة أو أكثر لزمه ما نواه حتى لو قال لها: اسقيني ونوى طلاقها ثلاثاً لزمه الثلاث، على أنهم قالوا: إن الصريح يقع به الطلاق وإن لم ينو. وقد عرفت أن ألفاظ الصريح منحصرة في أربعة: منها أن يقول لها أنا طالق منك، فهو صريح يقع به الطلاق وإن لم ينو مع كونه أضاف الطلاق إلى نفسه لا إلى المرأة، خلافاً للحنفية والحنابلة فإنهم يقولون: إنه لا يقع به الطلاق ولو نواه، وخلافاً للشافعية الذين يقولون: إنه يقع به الطلاق إذا نواه.
فإذا صرح بإضافة الطلاق إلى جزء المرأة، فإن كان الجزء متصلاً وكان من المحاسن التي يتلذذ بها الرجل، كالشعر، والريق - فإن الريق يتلذذ به - والعقل، والكلام، لأنهما من الأمور التي توجب إعجاب الرجل والتذاذه قطعاً، خصوصاً الكلام إذا كان رقيقاً فإن اللذة به محسة، فإنه يقع به الطلاق أما إذا كان الجزء منفصلاً ونوى الإضافة إليه، كما إذا قال لها: شعرك طالق، وأراد شعرها الذي حلقته فإنها لا تطلق، وإذا لم ينو المتصل ولا المنفصل تطلق، ولو أضاف الطلاق إلى جزء لا يتلذذ به: كالسعال، والمخاط ودمع العين فإنها لا تطلق.
هذا، وقد صرح المالكية بأن الرجل الذي يقول هذا يكون آثماً فيحرم عليه أن يطلق بعض تطليقة، أو يطلق المرأة، وإذا فعل يؤدب عليه.
الحنابلة - قالوا: الإضافة إلى المرأة لا تشترط في الطلاق الصريح، إنما يشترط أن لا يضيف الرجل الطلاق إليه، فلو قال: علي الطلاق، أو الطلاق يلزمني، أو يلزمني الطلاق، أو علي يمين بالطلاق ولم يذكر المرأة، أو لم ينم به الطلاق يلزمه، وإذا نوى به أكثر من واحدة لزمه ما نواه، فلو نوى بقوله: علي الطلاق أو أنت طالق طلاق امرأته ثلاثاً لزمه الثلاث، أما إذا قال: أنا طالق منك ونوى به الطلاق فإنه لا يقع به شيء، لأن الرجل قد أضاف الطلاق إلى نفسه، وهو غير محل للطلاق.
وكما يقع الطلاق بإضافته إلى المرأة يقع بإضافته إلى جزء متصل بها، فلو قال لها، نصفك طالق أو جزء منك طالق طلقت، وكذا إذا قال لها: يدك طالق وكانت لها يد، أو قال لها: أصبعك طالق فإنها تطلق، أما إضافة الطلاق إلى الأجزاء البعيدة، كالشعر، والظفر، والسن فإنها لا تطلق بها، ومثلها الإضافة إلى الفضلات، كالريق، والمني، والبصاق، ونحو ذلك. وكذا الإضافة إلى الصفة كالبياض، والسواد، وإذا قال لها: روحك طالق لا تطلق لأن الروح لا يستمتع بها وليست جزءاً بل هي أمر معنوي، أما إذا قال: حياتك طالقة، فإنها تطلق لأنها لا بقاء لها إلا بالحياة).
--------------------------
مبحث إذا قال: أنت حرام أو محرمة أو قال: علي الحرام أو نحو ذلك *-إذا قال لزوجته: أنت علي حرام، أو أنت محرمة، أو قال: حرمت ما أحله لي اللّه أو نحو هذا، ففي وقوع الطلاق به تفصيل المذاهب (1).
--------------------------
(1) (الحنفية - قالوا: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام أو محرمة، أو حرمتك علي أو حرمت نفسي عليك، فإنه ينظر فيه إلى العرف، فإن كان المتعارف بين الناس استعمال هذه الألفاظ في الطلاق البائن وقع بائناً أو في الطلاق الرجعي وقع رجعياً. ولا يلزم في وقوعه النية لأنه في هذه الحالة يكون من باب الصريح لا من باب الكناية، لأنه متى تعورف استعمال أنت محرمة في الطلاق كان مثل قوله: أنت طالق بلا فرق، أما إذا كان العرف لا يستعملها في الطلاق إلا بالنية كانت من باب الكناية لا يقع بها شيء إلا بالنية، ولكن العامي لا يفرق في استعمالها بين الطلاق البائن والطلاق الرجعي، وإنما يستعملها في تحريم وطء المرأة والاستمتاع بها، وهذا لا يكون إلا بالطلاق البائن، لأن الطلاق الرجعي لا يحرم الاستمتاع بالمرأة عند الحنفية فيتعين حمل طلاق العامي بهذه العبارات على البائن، أما الذي يعرف الفرق فيعمل بنيته، وهذا لا ينافي كونه ملحقاً بالصريح، لأنك قد عرفت أن الصريح نفسه ينقسم إلى رجعي، وبائن، فإذا نوى به عدداً فإنه يلزمه، فلو قال: أنت حرام ونوى به الثلاث لزمه الثلاث، بخلاف ما إذا نوى به طلقتين، فإنه لا يلزمه إلا واحدة كما تقدم في الكناية.
وإذا عرفت أن المدار في إيقاع الطلاق بهذه العبارات على العرف تعلم أنه إذا كان العرف لا يستعمل هذه الألفاظ في الطلاق أصلاً، لا صريحاً، ولا كناية فإنه لا يقع بها شيء أصلاً، فالتقوى بإيقاع الطلاق بهذه الألفاظ تتبع العرف.
هذا إذا أضافها إلى المرأة كما هو واضح في الأمثلة المذكورة، أما إذا لم يضفها إلى المرأة كأن قال: علي الحرام ولم يقل: منك، أو قال: الحرام يلزمني، أو كل حل عليّ حرام، أو قال: علي الطلاق. أو الطلاق يلزمني، فقد عرفت انه لا يقع به شيء،لأنهم قد اشترطوا إضافة الطلاق إلى المرأة بذكر ما يدل عليها من اسم، أو ضمير، أو إشارة، والعرف لا يغير الشرط. فلو قال: علي الحرام من امرأتي، أو من زينب، أو منك أو من هذه، فإن كان العرف يستعمله في الطلاق الصريح وقع بدون نية، وإن كان يستعمله في الطلاق كناية وقع الطلاق بالنية، وإذا لم يستعمله في الطلاق أصلاً لم يقع به شيء.
هذا، وإذا قال: علي الطلاق منك لا أفعل كذا ونوى به الثلاث فإنها تلزمه، لأن الطلاق المذكور بلفظ الجنس الذي يصدق بالواحد والكثير، فإذا نوى به اثنتين فإنه لا يصح. المالكية - قالوا: لو قال لها: أنت علي حرام، أو أنت حرام، وإن لم يقل: علي. أو أنا منك حرام كان ذلك من الكنايات الظاهرة التي يلزم بها الطلاق بدون نية، ثم إن كانت الزوجة مدخولاً بها لزمه الطلاق الثلاث بصرف النظر عن كونه نوى واحدة، أو أكثر، وإن كانت غير مدخول بها ولم ينو عدداً لزمه الثلاث أيضاً، وإن نوى عدداً لزمه ما نواه، سواء كان واحدة، أو أكثر، أما إذا قال: الحلال علي حرام، أو حرام علي ما أحل لي، أو ما أرجع إليه حرام، فإنه إذا نوى إخراج زوجته واستثناءها من المحرم عليه، فإنه يصح، ولا تحرم، وإلا حرمت، لأن قوله: الحلال علي حرام يشمل جميع ما أحله اللّه له وهو لا يملك إلا تحريم زوجته، فإذا نواه حرمت وإلا فلا، وإذا قال لها: الحرام حلال، ولم يقل علي، أو قال: حرام علي، أو علي حرام، ولم يقل: أنت، أو قال: يا حرام، فإنه إذا نوى إخراج امرأته من الحرام فلا يلزمه شيء، وإن نوى إدخالها كان كناية صريحة يلزم به الثلاث في المدخول بها وغيرها إن ينو في غير المدخول بها عدداً، وإذا حرم جزءاً منها كأن قال: وجهك علي حرام فإنه يلزمه الثلاث في المدخول بها بدون نظر إلى نيته، ويلزمه الثلاث في غير المدخول بها إن لم ينو عدداً، فإن نوى عدداً لزمه ما نواه، فإذا قال لها: وجهك على وجهي حرام - بتخفيف اللام - ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يلزم به شيء إلا بالنية. وثانيهما: أنه مثل قوله: وجهك علي حرام، وهو الراجح، أما إذا قال لها: ما أعيش فيه حرام، فإن فيه خلافاً، فبعضهم قال: إنه مثل وجهك علي حرام، وبعضهم قال: إنه لا يلزمه به شيء إلا بالنية، وهو الظاهر، لأن الزوجة ليست من العيش فلم تدخل إلا بالنية.
هذا، وقد عرفت أن المالكية يعولون على العرف في الكناية الظاهرة، فيقولون: إن كل لفظ لا يصطلح الناس على استعماله في الطلاق ولا يتعارفون بينهم عليه لا يقع به شيء إلا بالنية. لأنه يكون كناية خفيفة لا ظاهرة.
الحنابلة - قالوا: إذا قال: علي الحرام، أو يلزمني الحرام، أو الحرام يلزمني، فقال بعضهم: إنه كناية فيكون طلاقاً بالنية، وقال بعضهم: إذا نوى تحريم المرأة يكون ظهاراً، والصحيح أن العرف معتبر في ذلك، فإن كان يستعمله في الطلاق كان كناية، وإن كان يستعمله في الظهار كان ظهاراً، وإذا قال لها: أنت علي حرام، أو ما أحل اللّه علي حرام، أو الحل علي حرام، أو حرمتك، فإن ذلك يكون ظهاراً حتى ولو نوى به الطلاق لا يلزمه، ومثل ذلك ما إذا قال: فراشي علي حرام، ونوى به امرأته فإنه يكون ظهاراً، وإذا قال لها أنا منك حرام، فإنه لا يقع به شيء.
الشافعية - قالوا: إذا قال لها: أنت علي حرام، أو أنت على الحرام، أو حرمتك، فإن هذه الألفاظ تصلح لأن تكون كناية عن الطلاق وعن الظهار، فإذا نوى بها الطلاق وقع، سواء نوى واحدة،أو أكثر، وكذا إذا نوى بها الظهار، فإنه يصح ويلزمه كفارة الظهار الآتي بيانها، وإذا نوى بها الطلاق، والظهار جميعاً، فإن كان المنوي أولاً الظهار عومل بهما جميعاً فيكون عليه كفارة ظهار ويلزمه الطلاق الذي نواه، أما إذا كان المنوي أولً الطلاق فإن كان بائناً، ثم نوى الظهار فهو ملغى لا كفارة له، لأنها بانت منه أولاً، فأصبحت غير محل للظهار، وإن كان رجعياً، ثم نوى الظهار وقف العمل بالظهار فإذا راجعها عاد الظهار ولزمته كفارته، وإلا فلا، وهذا هو المعتمد.
أما إذا نوى بها تحريم عين المرأة أو تحريم فرجها، أو بدنها، أو جزء من أجزائها، فإنه لا يلزم بذلك طلاق، لأن هذه الأشياء أعيان، والأعيان لا توصف بالتحريم، وكذا إذا لم ينو بها شيئاً من طلاق أو ظهار، فإنه لا يلزمه شيء، فإذا قال لامرأته: حرمتك، وهو ينوي تحريم جسمها، أو فرجها، ثم وطئها كان عليه كفارة يمين، وإنما تلزم كفارة اليمين إذا لم يقم بالزوجة مانع وقت قوله لها: حرمتك، كأن كانت في حالة إحرام بالنسك، وقد اختلف في الحائض والنفساء، فقيل: إذا كانت حائضاً، أو نفساء، وقال لها: حرمتك فلا كفارة عليه، وقيل بل عليه كفارة. فإذا حرم عيناً غير زوجته، كأن قال: شرابي علي حرام أو لباسي، كان لغواً من القول لا شيء فيه لأنه غير قادر على تحريم ما أحل اللّه له.
وإذا قال: علي الحرام، أو حلال اللّه علي حرام، أو الحرام يلزمني، أو علي الحلال، فإنها كناية يلزم بها ما نواه، وإن اشتهر استعمالها في الطلاق، وذلك لأنها لم توضع للطلاق بخصوصه، ومثلها الألفاظ المتقدمة وهي أنت حرام وما بعدها، فإنها وإن اشتهر استعمالها في الطلاق إلا أنها لم توضع له بخصوصه، فلذا لم تكن طلاقاً صريحاً على المعتمد، ونظر فيها إلى النية).
مبحث تعدد الطلاق
*-يملك الرجل الحر ثلاث طلقات ولو كان زوجاً لأمة (1)، ويملك العبد طلقتين ولو كان زوجاً لحرة، فإذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً دفعة واحدة، بأن قال لها: أنت طالق ثلاثاً لزمه ما نطق به من العدد في المذاهب الأربعة، وهو رأي الجمهور.
وخالفهم في ذلك بعض المجتهدين، كطاوس، وعكرمة وابن اسحاق، وعلى رأسهم ابن عباس رضي اللّه عنهم، فقالوا: إنه يقع به واحدة لا ثلاث، ودليل ذلك ما رواه مسلم عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكري، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. وهذا الحديث صريح في أن المسألة ليست اجماعية، وهو كذلك فإنه رأي ابن عباس وطاوس وعكرمة، وبعض المجتهدين. ومن القواعد الأصولية المقررة أن تقليد المجتهد ليس واجباً، فلا يجب الأخذ برأي مجتهد بعينه، وحينئذ يجوز تقليد أي مجتهد من مجتهدي الأمة الإسلامية في قول ثبتت نسبته إليه، ومتى ثبت أن ابن عباس قال ذلك فإنه يصح تقليده في هذا الرأي كتقليد غيره من الأئمة المجتهدين على أننا إذا قطعنا النظر عن التقليد ونظرنا إلى الدليل في ذاته فإننا نجده قوياً، لأن الأئمة سلموا جميعاً بأن الحال في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم كان كذلك، ولم يطعن أحد منهم في حديث مسلم، وكل ما احتجوا به أن عمل عمر وموافقة الأكثرين له مبني على ما علموه من أن الحكم كان مؤقتاً إلى هذا الوقت فنسخه عمر بحديث لم يذكره لنا، والدليل على ذلك الإجماع، لأن إجماع الصحابة يومئذ على الرضا بما عمله دليل على أنه أقنعهم بأن لديه مستنداً وليس من الضروري أن نعرف سند الإجماع، كما هو مقرر في الأصول، ولكن الواقع أنه لم يوجد إجماع، فقد خالفهم كثير من المسلمين، ومما لا شك فيه أن ابن عباس من المجتهدين الذين عليهم المعول في الدين، فتقليده جائز، كما ذكرنا، ولا يجب تقليد عمر فيما رآه، لأنه مجتهد وموافقة الأكثرين له لا تحتم تقليده، على أنه يجوز أن يكون قد فعل ذلك لتحذير الناس من ايقاع الطلاق على وجه مغاير للسنة فإن السنة أن تطلق المرأة في أوقات مختلفة على الوجه الذي تقدم بيانه، فمن تجرأ على تطليقها دفعة واحدة فقد خالف السنة، وجزاء هذا أن يعامل بقوله زجراً له.
وبالجملة فإن الذين قالوا: إن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع به واحدة لا ثلاث لهم وجه سديد وهو أن ذلك واقع في عهد الرسول، وعهد خليفته الأعظم أبي بكر. وسنتين من خلافة عمر رضي اللّه عنه واجتهاد عمر بعد ذلك خالفه فيه غيره، فيصح تقليد المخالف، كما يصح تقليد عمر، واللّه تعالى لم يكلفنا البحث عن اليقين في الأعمال الفرعية لأنه يكاد يكون مستحيلاً.
أما إذا قيد الطلاق بعدد دون الثلاث. فلا يخلو إما أن يصرح بذلك العدد أو ينويه، وعلى كل إما أن يكون الطلاق صريحاً أو كناية، وفي ذلك كله تفصيل المذاهب (2).
--------------------------
(1) (الحنفية - قالوا: العبرة في عدد الطلاق للنساء فلو تزوج الحر أمة يملك عليها طلقتين فقط لأن الأمة تنقص عن الحرة بواحدة، ولو تزوج العبد حرة، فإنه يملك ثلاث طلقات لأن الحرة لها ثلاث طلقات، فالرجل وإن كان يملك ولكن عدده يختلف بالنسبة للحرة والأمة فللحرة ثلاث ولو كان زوجها رقيقاً، وللأمة ثنتان ولو كان زوجها حراً).
(2) (الحنفية - قالوا: إذا قيد الطلاق الصريح بعدد صريح فإنه يعامل بذلك العدد، فإذا قال لها: أنت طالق اثنتين لزمه طلقتان بذكر العدد، فلو قال: أنت طالق وسكت، ثم قال: ثلاثاً أو اثنتين، فإن كان سكوته لضيق النفس لزمه العدد، وإن سكت باختياره فإنه لا يلزمه إلا واحدة، ومثل ذلك ما إذا كرر اللفظ بدون ذكر العدد، كما إذا قال لها: أنت طالق طالق فإنه يلزمه بذلك طلاقان متى كانت المرأة مدخولاً بها، أما إذا كانت غير مدخول بها فإنها تقع بها واحدة، لأنها تبين بها، فإذا قال: إنه نوى بالثاني الإخبار عن الأول ولم ينو طلاقاً ثانياً فإنه يصدق ديانة، بمعنى أنه لا يقع طلاق بينه وبين اللّه، ولكن القاضي لا يصدقه بل يحكم عليه بالطلقتين. ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أو قال لها: قد طلقتك، قد طلقتك. أو قال لها: أنت طالق وقد طلقتك.
ومن هذا يتضح أنه إذا قال لها: أنت طالق طالق طالق، أو قال لها: أنت طالق وطالق وطالق يلزمه ثلاث طلقات قضاء، سواء نوى بذلك طلقة واحدة، أو نوى ثلاثاً ولكن إذا نوى بالطلقة الأولى الطلاق وبالثانية والثالثة إفهامها أنه طلقها فإن بينه وبين اللّه لا تقع إلا واحدة. والحاصل أنه إذا كرر الطلاق، سواء كرره بالواو، أو بدون واو يتعدد الطلاق قضاء، ولا يسمع منه دعوى أنه نوى بالثاني الأول، ولكن إذا نوى بالثاني الأول فإنه يصح ديانة ولا تقع عليه إلا واحدة بينه وبين اللّه. فإذا قال لها: طلقتك فأنت طالق، وقال: إنه نوى بالثاني تفسير الأول يصدق قضاء وديانة، وذلك لأن الفاء موضوعة لذلك، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق واعتدي، فإنه إذا نوى بقوله: اعتدي أمرها بالعدة لزمته واحدة، وإن نوى بها طلقة ثانية لزمته طلقتان رجعيتان، لأن لفظ اعتدي من ألفاظ الكناية التي يقع بها طلاق رجعي، وإن نوى أكثر منها. أو نوى الطلاق البائن، فإن لم ينو شيئاً لزمه طلقتان، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق فاعتدي، فإن لم ينو شيئاً لزمته طلقة واحدة وحملت الثانية على أمرها بالعدة، وإذا جزأ عدد الطلقة بأن قال لها: أنت طالق نصف طلقة. أو ثلثها، أو ربعها أو ثمنها، أو جزءاً من ألف جزء، أو من مائة ألف جزء، وهكذا فإنه يقع به طلقة كاملة فإذا جزأ الطلقة كما إذا قال: أنت طالق نصف ربع سدس طلقة، فإن كان بدون حرف الواو لزمته به طلقة واحدة بشرط أن لا يزيد عدد الأجزاء على واحدة، فإن زاد ولو جزءاً يسيراً حسب الزائد طلقة ثانية. وإذا أضاف الطلاق إلى ضمير الطلقة وعدد الأجزاء كان الحكم كذلك، مثلاً إذا قال لها: أنت طالق نصف تطليقة وثلثها لزمه طلقة واحدة، لأن مجموع الأجزاء أقل من واحدة، أما إذا قال لها: أنت طالق نصف تطليقة وثلثها وربعها فإنه يلزمه طلقتان، وذلك لأن هذه الأجزاء تزيد نصف سدس عن الواحد، فتقع به طلقة: وقيل: لا يحسب.
هذا إذا أضاف الطلاق إلى الضمير، كما عرفت، أما إذا أضافه إلى الطلقة بأن قال: أنت طالق نصف طلقة، وثلث طلقة، وربع طلقة، فإنه يقع بكل كلمة من هذه الكلمات طلقة، وعلى هذا تطلق منه ثلاثاً، بشرط أن يذكر واو العطف وأن تكون الزوجة مدخولاً بها، فإذا قال: أنت طالق نصف طلقة بدون ذكر واو العطف وقعت به طلقة واحدة ما لم تزد الأجزاء على واحدة، فإنه يحسب كمل تقدم في صدر العبارة.
والحاصل أن في هذه المسألة أربع صور: الصورة الأولى أن يكون المطلق فقهياً متفلسفاً أو يكون هازلاً، أو يكون حسابياً، فيقول لامرأته: أنت طالق نصف طلقة، أو يذكر لها جزءاً يسيراً كأن يقول لها: أنت طالق جزءاً من مائة ألف من الطلقة، وفي هذه الصورة تطلق منه واحدة.
الصورة الثانية: أن يعدد لها الأجزاء بدون حرف العطف، كأن يقول لها: أنت طالق ثلث طلقة، ربع طلقة، خمس طلقة، وفي هذه الحالة تحسب الأجزاء التي ذكرها، فإن كانت تساوي طلقة أو أقل حسبت طلقة وإن زادت عن طلقة ولو جزءاً يسيراً حسب الزائد طلقة ثانية، وهكذا.
الصورة الثالثة: أن يعدد الأجزاء مضافة إلى الضمير مع ذكر واو العطف أو عدمه، كأن يقول: أنت طالق تطليقة، وثلثها، وخمسها، وربعها، وفي هذه الصورة خلاف، فبعضهم يقول: إذا زادت الأجزاء حسب الزائد واحدة، وبعضهم يقول: لا يحسب، لأن اتحاد المرجع يجعله ناطقاً بالجزء الأول فقط، فلا يحسب عليه غيره.
الصورة الرابعة: أن يعدد الأجزاء مضافة إلى الطلقة مع ذكر حرف العطف، بأن يقول لها أنت طالق نصف طلقة، وسدس طلقة، وربع طلقة، وفي هذه الحالة يقع عليه الثلاث، وذلك أن أضاف جزء العدد، وهو النصف، أو السدس، إلى طلاق منكر، فيكون غير الأول، لأن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، فكل جزء نطق به مضافاً إلى الطلاق يحسب عيه طلاقاً، وهذا بخلاف ما إذا أضافه إلى الضمير، لأن الضمير يكون عائداً إلى الجزء الأول بعينه، فلا يحسب إلا الأول، وهذا كله إذا كانت الزوجة مدخولاً بها، فإن لم تكن مدخولاً بها فلا يقع عليه إلا واحدة، كما عرفت.
وإذا فرض وغلبت فلسفة الحساب على شخص وقال لامرأته: أنت طالق ثلاث أنصاف طلقتين ففي ذلك خلاف، فبعضهم يقول: إنها تطلق ثلاثاً، وذلك لأن نصف التطليقتين واحدة، فثلاثة الأنصاف ثلاث تطليقات، لأن كل نصف على حدته طلقة، وبعضهم يقول أنها تطلق ثنتين فقط، وذلك لأننا إذا قسمنا التطليقتين إلى أنصاف كانت كل تطليقة نصفين، فتكون التطليقتان أربعة أنصاف، فثلاثة أنصافها طلقة ونصف فيقع عليه طلقتان، لأن النصف يحسب طلقة، ولكن الظاهر هو الأول، وذلك لأننا إذا قلنا: ثلاثة أنصاف طلقتين كان معناه ثلاثة أنصاف مجموع الطلقتين ونصف مجموع الطلقتين كاملة، فثلاثة أنصاف ثلاث طلقات، نعم إذا قال: أنت طالق ثلاثة أنصاف كل تطليقتين، كان معناه أننا ننصف كل طلقة على حدة فتكون الطلقة نصفين وثلاثة الأنصاف طلقة ونصف، فيقع به طلقتان. وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة لزمه طلقتان، وذلك لأن الطلقة الواحدة تشتمل على نصفين فتحسب واحدة، والنصف الثالث يقع به واحدة كاملة، لما عرفت من أن جزء الطلقة طلقة كاملة ولو كان يسيراً وكذا إذا قال لها: أنت طالق أربعة أثلاث طلقة، أو خمسة أرباع طلقة فإنه يلزمه طلقتين، وذلك لأن الطلقة الكاملة ثلاثة أثلاث فزاد عليها ثلثاً وربعاً تلزمه به طلقة كاملة، ومثله خمسة أرباع كما هو ظاهر. وإذا قال لها: أنت طالق نصفي طلقتين فإنه يلزمه طلقتان، وذلك أن كل نصف يعتبر طلقة كاملة.
وإذا فرض وقال شخص حسابي لزوجته: أنت طالق من واحدة إلى اثنتين، أو أنت طالق ما بين واحدة إلى ثنتين، أو قال: من واحدة إلى ثلاث، فإنه يقع به المثال الأول واحدة، وفي المثال الثاني ثنتان عند الأمام، ويقع في الأول ثنتان، وفي الثاني ثلاث عند الصاحبين، ولا يقع في الأول شيء، ويقع في الثاني واحدة عند زفر، وذلك لأن الإمام يقول: إن الطلاق من الأمور المحظورة لأنه لا يباح إلا عند الحاجة، والشيء المحظور إذا كان له مبدأ ونهاية وإن شئت قلت: وكان له غايتان دخلت الغاية الأولى دون الغاية الثانية، فإذا قال لها، أنت طالق من واحدة إلى ثنتين دخلت الغاية الأولى، وهي الواحدة، ولم تدخل الغاية الثانية التي بعد - إلى - وهي ثنتان، وإذا قال لها: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث لم تدخل الغاية الثانية، وهي الثلاث، ودخل ما دونها وهي الواحدة والثانية فيلزمه طلقتان، أما إذا كان المعدود مباحاً، كما إذا قال له: خذ من مالي من جنيه إلى جنيهين، فإن اللفظ يتناول الغايتين، فله أن يأخذ الثلاثة المذكورة في الغاية الأولى والغاية الثانية.
والحاصل أن الإمام يقول: إنه إذا قال لزوجته: أنت طالق من واحد إلى ثلاث دخلت الثنتان في كلامه بلا خلاف، لأنها وسط بين الواحدة والثلاث، فهي التي يدل عليها اللفظ والمقصودة منه، أما الواحدة والثلاث، وهما الغاية الأولى والغاية الثانية فإن اللفظ لا يتناولهما في المحظور، لأن الحظر كالقرينة على عدم إرادة ما هو خارج عن مدلول الكلام، وكان من مقتضى هذا أن لا تدخل الغاية الأولى، وهي الواحدة، كما لا تدخل الغاية الأخيرة، وهي الثلاث، ولكن لما كانت الطلقة الثانية المقصودة من الكلام لا يمكن تحقيقها إلا بالطلقة الأولى، إذ لا يمكن أن توصف الطلقة بالثانية إلا بعد وصفها بالأولى، دخلت الغاية الأولى للضرورة كي تترتب عليها الثانية، أما الثالثة فلا حاجة إليها، فإن الثانية تتحقق بدونها.
هذا إذا كان بين الغايتين وسط، كما ذكرنا، أما إذا لم يكن بينهما وسط، كقوله: أنت طالق من واحدة إلى ثنتين، فإنه يقع واحدة بلفظ طالق، ويلغو من واحدة إلى ثنتين. إذا لا ضرورة لإدخال الغاية الأخيرة، أما الغاية الأولى فإنها تدخل لأنها لا تزيد على معنى طالق شيئاً أما زفر فإنه يقول: إذا قال شخص لآخر: بعتك من هذا الحائط إلى هذا الحائط لا يدخل الغايتان باتفاق، إذ الحد لا يدخل في المحدود، وعلى قياس هذا إذا قال لها: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث خرج الحد الأول، وهو الواحدة، والحد الثاني، وهو الثلاث، ووقع ما بينهما، وهو الثنتان وإذا قال لها: أنت طالق من واحدة إلى ثنتين لم يقع به شيء، إذ لا وسط بين الواحدة والثنتين، والغايتان خارجتان من الكلام، وهذا هو القياس، ولكن الإمام نظر إلى العرف فوجد أنه يستعمل ما له حدان ووسط في إرادة الأقل من الأكثر، والأكثر من الأقل. مثلاً إذا قال شخص: معري من أربعين إلى خمسين، كان غرضه أنه أكثر من أربعين وأقل من خمسين فإذا قال شخص لزوجته: أنت طالق من واحدة إلى ثلاث كان معنى قوله أنها طالق أكثر من واحدة وأقل من ثلاث، وهما الثنتان، فعمل بالعرف استحساناً.
وإذا قال لها: أنت طالق واحدة في ثنتين، فإن ذلك اللفظ يحتمل ثلاثة معان:
أحدها: معنى الواو، فكأنه قال لها: أنت طالق واحدة وثنتين، فإذا نوى هذا المعنى لزمه ثلاث طلقات إذا كانت الزوجة مدخولاً بها، والمراد بالمدخول بها هنا الموطوءة أو المخلو بها، لأن الخلوة كافية في لحوق الطلاق الثاني، أما إذا كانت غير موطوءة وغير مخلو بها، فإنه يقع عليها واحدة فقط، وذلك لأنها تبين بقوله: واحدة، فقوله بعد ذلك: وثنتين لا تصادف محلاً، فلا يقع بها شيء.
ثانيها: معنى - مع - فكأنه قال لها: أنت طالق واحدة مع ثنتين، فإذا نوى هذا المعنى لزمه ثلاث طلقات مطلقاً، سواء كانت مزوجة مدخولاً بها. أو لا، وذلك لأنه أوقع الثلاث دفعة واحدة، فحلت عصمة الزوجية في المدخول بها وغيرها بدون فرق، فلم تبن غير المدخول بها بواحدة وتصبح غير محل للحوق ما بعدها.
ثالثها: معنى الضرب. وتحته صورتان: الصورة الأولى أن يتكلم بعرف أهل الحساب كما هو المفروض، وفي هذه الحالة يلزمه ثنتان، وذلك لأن عرف أهل الحساب تضعيف أحد العددين بعدد آخر، فقوله: واحدة في ثنيتن معناه تضعيف الواحدة بجعلها ثنتين، فيلزمه الثنتان، وهذا هو التحقيق، لأن هذا اللفظ في عرف علماء الحساب صريح في هذا المعنى، فمتى أراد بكلامه عرفهم لزمه معناه، فلا يقال: إن لفظ - في - معناه الظرفية الحقيقية، والثنتان لا تصلح ظرفاً، فالعبارة في ذاتها لا تصلح لإرادة التطليقتين منها حتى ولو نواهما، كما إذا قال: اسقني، ونوى به الطلاق، فإنه لا يلزمه به شيء، وذلك لأنك قد عرفت أن لفظ واحدة في ثنتين في عرف أهل الحساب مستعمل في تضعيف العدد صريحاً. الصورة الثانية: أن لا يتكلم بعرف أهل الحساب، بل ينوي تكثير أجزاء الطلقة الواحدة كما هو المتبادر من اللفظ، وحين إذ يلزمه طلقة واحدة، لأن تكثير أجزاء الطلقة الواحدة لا يخرجها عن كونها واحدة، ومثل ذلك ما إذا لم ينو شيئاً فإنه يلزمه طلقة واحدة بقوله، أنت طالق لأنه يقع به واحدة وإن لم ينو. أما إذا قال لها: أنت طالق ثنتين في ثنتين فإنه إذا نوى به معنى الواو، فكأنه قال: ثنتين وثنتين، وفي هذه الحالة يلزمه ثلاث في المدخول بها وثنتان في غيرها، وإذا نوى معنى - مع - لزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها، وإذا نوى الضرب على عرف أهل الحساب لزمه الثلاث وإلا لزمه ثنتان.
هذا كله إذا قيد الطلاق الصريح بعدد صريح، أما إذا قيده بإشارة تدل على العدد، فإن هذه المسألة على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن يذكر ما يدل على الإشارة لفظاً ويشير إلى العدد بأصابعه، وتحت هذا صورتان الصورة الأولى أن ينطق بلفظ - هكذا - فيقول: أنت طالق هكذا ويشير بأصابعه الثلاث، وفي هذه الحالة يقع العدد الذي أشار إليه بقوله: هكذا من أصابعه، فإن أشار إلى أصبع واحد وقعت واحدة، وإن أشار إلى أصبعين وقع ثنتان وإن أشار إلى ثلاثة وقع ثلاث فإن فتح ثلاثة أصابع من أصابع يده وضم ثنتين، وقال: إنه أشار إشارة إلى المضمومتين، فإنه لا يصدق قضاء، بل يقع عليه الثلاث، لأن الظاهر يقتضي أنه أشار إلى أصابعه المنشورة لا المضمومة، ولكنه يصدق ديانة فيقع عليه ثنتان بينه وبين اللّه تعالى، ومثل ذلك ما إذا قال: إنه نوى الإشارة إلى كفه، فإنه لا يصدق قضاء وتقع عليه واحدة رجعية إن كان صادقاً بينه وبين اللّه تعالى، نعم إذا نشر أصابعه الخمسة كلها، وقال: أنه أراد الكف، فإنه يصدق قضاء لأن الطلاق ثلاث فقط، فنشر الخمسة قرينة على أنه لم يرد العدد، فيصدق قضاء بأنه أراد التشبيه بالكف فتلزمه واحدة رجعية، ومثل ذلك ما إذا ضم أصابعه فإنه يصدق قضاء في قوله: انه أراد التشبيه بالكف فقط.
الصورة الثانية: أن ينطق - مثل - فيقول: أنت طالق مثل هذا، ويشير إلى أصابعه الثلاث المنشورة، وفي هذه الحالة ينظر إلى نيته، فإن نوى تشبيه الطلاق بعدد الأصابع الثلاث لزمه ثلاث أما إذا نوى المثلية في الشدة، أو لم ينو شيئاً فإنه يلزمه طلقة واحدة بائنة، لأنه وصفها بالشدة والفرق بين قوله: أنت طالق هكذا، وأنت طالق مثل هذا أن الكاف للتشبيه في الذات. ومثل للتشبيه بالوصف، فقوله: هكذا معناه مثل الأصابع الثلاث في العدد، أما قوله، مثل هذا فمعناه مثل هذا في شدته، فإذا نوى به الثلاث لزمته.
الوجه الثاني: أن يقول، أنت طالق ويشير بأصابعه الثلاث، ولكن لم يقل، هكذا. أو مثل هذا، ويقع بهذا طلقة واحدة ولو نوى الثلاث، وذلك لأن الطلاق لا يتحقق بدون لفظ، فكذلك عدده لا يتحقق بدون لفظ يدل عليه.
الوجه الثالث: أن يقول: أنت هكذا، مشيراً بأصابعه، ولكنه لم يقل: طالق، وقد اختلف في هذا، فبعضهم قال: إنه لغو لا يقع به شيء ولو نوى به الثلاث، وحجة هذا القائل أن الطلاق لا يتحقق عند الحنفية إلا باللفظ الذي يشعر به، ولو نوى به الطلاق، والإشارة بالأصابع الثلاث ليس فيها أي إشعار بالطلاق لا صريحاً ولا كناية، فلا يلزمه بذلك شيء ولو نواه، كما لا يلزمه بقوله: كلي، واشربي. ونحو ذلك إذا نوى به الطلاق.
وعندي أن هذا التعليل وجيه، وقد عرفت في الوجه الثاني أن الطلاق لا يتحقق بدون لفظ يدل عليه أو يشعر به، فإن لم يوحد لفظ كذلك فإن النية لا يعول عليها.
وبعضهم قال: إنه يقع به ما نواه، فإذا نوى الثلاث لزمته، وعلل ذلك بأن الإشارة بالأصابع الثلاث قائمة مقام عدد الطلاق المقدر، فكأنه قال: أنت طالق ثلاثاً، ولا يخفى ما في هذا من تعسف وخروج عن القاعدة الأولى، وهو أن الطلاق لا يتحقق إلا باللفظ الذي يدل عليه، أما كونه يقدر لفظاً نواه، فإنه يصح أن يدعي ذلك في كل لفظ، فالقواعد تؤيد الرأي الأول.
هذا، وقد عرفت أن النية لا تعمل في الصريح، فإذا قال لها: أنت طالق ونوى به ثنتين أو ثلاثاً فإنه لا يقع به إلا واحدة، وقد عرفت أيضاً أنه إذا نوى بالطلاق معنى الطلاق من القيد ونحوه، فإنه لا يعتبر قضاء وينفع ديانة.
هذا إذا ذكر لفظ طالق، أما إذا ذكر المصدر كأن قال لها: أنت الطلاق، أو أنت طلاق فإنه يقع به واحدة رجعية كذلك إن لم ينو، أو نوى واحدة، وكذا إذا نوى اثنتين فإنه يقع واحدة بخلاف ما إذا نوى به الثلاث فإنه يقع عليه ما نواه، وذلك لأن قوله: أنت طلاق، أو أنت الطلاق مصدر موضوع للوحدة. أو للجنس الصادق بالكثير والقليل، فلا يصح تقييده بالاثنينية، لأن الاثنين عدد محض ينافي الوحدة، فصح إرادة الثلاث منه دون الاثنين. أما الكنايات فقد عرفت أقسامها وأحكامها فيما مضى، ومنها أن جميع ألفاظ الكنايات يقع بها الطلاق بائناً، ما عدا ألفاظ ذكرت هناك، فإن الطلاق يقع بها رجعياً، ثم إن بعضها لا يقع بها إلا بالنية، فإن ذكر لفظاً منها ولم ينويه طلاقاً وقرنه بعدد اثنين أو ثلاثة فإنه يكون مهدراً وإن نوى به طلاقاً ووصفه بعد صريح لفظاً فإنه يلزمه ما نواه وما نطق به كما إذا قال لها: أنت بائن ثنتين أو ثلاثاً ونوى ببائن الطلاق فإنه يلزمه ما نطق به، أما إذا نوى بلفظ بائن الطلاق ونوى به أكثر من واحدة، فإن نوى ثنتين فإنه لا يلزمه إلا واحدة، وإن نوى ثلاثاً تلزمه الثلاث. وقد تقدم تعليل ذلك في القسم الثالث من الكنايات فارجع إليه.
المالكية قالوا: إذا قيد الطلاق الصريح بعدد صريح كقوله: أنت طالق ثنتين أو ثلاثاً لزمه العدد الذي صرح به طبعاً، وكذا إذا نواه بأن قال: أنت طالق ونوى به ثلاثاً أو ثنتين فإنه يلزمه ما رواه، أما إذا لم ينو فإنه واحد، كما تقدم في الصريح، فإن كرر الطلاق لفظاً فإنه يحتمل حالتين: الحالة الأولى أن يكرره بدون عطف. الحالة الثانية: أن يكرره بحرف العطف فأما الحالة الأولى ففيها ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يقول لها: أنت طالق، طالق، طالق، بدون عطف وبدون تعليق، وحكم هذه الصورة أنه يقع بها واحدة إذا نوى بالثانية والثالثة التأكيد، سواء كانت الزوجة مدخولاً بها أو لا. ويصدق في قوله بيمين في القضاء وبغير يمين في الفتوى، ثم إن كانت الزوجة مدخولاً بها فإنه يصدق، ولو فصل فاصل بين قوله: طالق الأولى، وطالق الثانية أو الثالثة، ولو طال الفصل، أما في غير المدخول بها فإنه يلزمه الثاني إلا إذا ذكر ألفاظ الطلاق متتابعة بدون فاصل، ولا يضر الفصل بنحو السعال، وهذا هو المذهب عند بعضهم، وبعضهم يشترط أن يذكر ألفاظ الطلاق منسقة، أي متتابعة بدون فصل في المدخول بها وغيرها، فإذا قال: أنت طالق ثم سكت مدة، وقال: أنت طالق، ثم قال: أنه نوى بالثانية التأكيد فإنه لا يصدق، وفي هذه الحالة إن كانت مدخولاً بها وقع عليه ثنتان أو ثلاث إن ذكر ثلاثة ألفاظ، وإن كانت غير مدخول بها لزمته واحدة بائنة لأن الثانية لا تلحق.
الصورة الثانية: أن لا ينوي التأكيد، سواء نوى بكل واحدة طلقة على حدة. أو لم ينو شيئاً وفي هذه الحالة يلزمه الثلاث في المدخول بها، سواء ذكر الألفاظ الثلاثة متتابعة، أو فصل بينها بفاصل، أما إذا كانت غير مدخول بها فإنه يلزمه الثلاث إن ذكرها متتابعة، وإذا فصل بينها فلا يلزمه إلا واحدة، لما عرفت من أنها تبين بها فلا يلحقها ما بعدها.
الصورة الثالثة: أن يعلق الطلاق المكرر بدون عطف على شيء، وتحت هذه الصورة أمران:
الأمر الأول: أن يعلقه على شيء متحد، كأن يقول: أنت طالق، طالق، طالق، إن كلمت زيداً بكلمة، وحكم هذا إن نوى التأكيد لزمته طلقة واحدة، وإن لم ينو التأكيد بأن نوى الثلاث أو لم ينو شيئاً لزمته الثلاث.
الأمر الثاني: أن يعلقه على شيء متعدد، كأن يقول: أنت طالق إن كلمت زيداً. أنت طالق إن دخلت الدار. أنت طالق إن سافرت مع أبيك، وحكم هذا أنه يلزمه الثلاث ولا ينفعه نية التأكيد لتعدد المحلوف عليه.
أما الحالة الثانية، وهي ما إذا كرره بحرف العطف،سواء كان بالواو، أو الفاء، أو ثم، كأن قال لها: أنت طالق، طالق، طالق، أو ثم طالق وطالق الخ، فإن كانت مدخولاً بها فإنه يلزمه الثلاث، ولا يصدق في قوله: أنه نوى التأكيد، سواء ذكر الألفاظ متتابعة منسقة أو لا وسواء لم يكرر لفظ أنت، كما مثلنا، أو كرره، بأن قال: أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق أما إذا كانت غير مدخول بها يلزمه الثلاث إن ذكر الألفاظ متتابعة بدون فاصل وإلا لزمته واحدة.
هذا، وإذا جزأ عدد الطلاق، كما إذا قال لها: أنت طالق نصف طلقة، أو جزء طلقة لزمه طلاق كامل، ولو قال لها: أنت طالق نصف طلقتين لزمته طلقة واحدة، لأن نصف الطلقتين طلقة كاملة، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق نصفي طلقة، فإنه يقع به واحدة، لأن للنصفين طلقة كاملة فإذا زادت الأجزاء عن طلقة لزمه طلقتان أو أكثر بحسب زيادة الأجزاء، فإذا قال لها: أنت طالق نصف وثلثا طلقة لزمه طلقتان لأن النصف والثلثين أكثر من الواحدة، ومثل ذلك ما إذا قال لها: أنت طالق ثلاثة أنصاف طلقة لأن ثلاثة أنصاف طلقة تشتمل على طلقة، ونصف فيقع بها ثنتان لأن الجزء يقع به واحدة كاملة، وكذا إذا قال لها: أنت طالق أربعة أثلاث طلقة، لأن أربعة أثلاث تشتمل على واحدة وثلث، وهكذا.
فإذا ذكر أجزاء أقل من واحدة بحرف العطف وأضافها إلى طلقة واحدة فإنه يلزم بها واحدة كما إذا قال لها: أنت طالق نصف وثلث طلقة، أما إذا أضاف كل جزء إلى لفظ طلقة، كما إذا قال لها: أنت طالق نصف طلقة، وثلث طلقة فإنه يقع بكل لفظ منها طلقة، فيلزمه ثنتان، وهكذا، والفرق أنه في العبارة الأولى أضاف الكسرين إلى طلقة واحدة وهما أقل من واحدة فلزمه واحدة وفي العبارة الثانية أضاف كل كسر إلى طلقة. فكان اللفظ مستقلاً بالعبارة فيقع بكل لفظ طلقة. وإذا كان عالماً بالحساب، وقال لها: أنت طالق في واحدة لزمته طلقة واحدة، لأن نتيجة ضرب طالق واحدة وواحدة، وإذا قال لها: أنت طالق واحدة في ثنتين، وكان عالماً بالحساب لزمه ثنتان لأنهما نتيجة ضرب الواحدة في اثنتين، وإلا فإنه يلزمه ثلاثة فكأنه قال: واثنتين، وإذا قال لها: أنت طالق اثنتين في اثنتين لزمه ثلاث طلقات، عرف الحساب، أو لم يعرف.
هذا، أما نية العدد مع الكناية فقد تقدمت مفصلة، فارجع اليها.
الشافعية - قالوا: إذا قيد الطلاق الصريح بعدد لزمه، فإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً أو ثنتان لزمه ذلك العدد، وقد تقدم في الكناية أنه لو نوى بقوله: أنت طالق أكثر من واحدة لزمه ما نواه، حتى لو قال: أنت طالق واحدة، ونوى به ثنتين، أو ثلاثاً لزمه ما نواه، وكذا إذا قال لها: أنت طالق ثنتين فإنه إذا نوى به ثلاثاً وقع الثلاث وبعضهم يرى أنه إذا قيد اللفظ بواحدة أو ثنتين فإن نية الزائد تلغو ولا يعمل بها، حملاً للفظ على ظاهره وقد تقدم الكلام على الكنايات، فارجع إليه.
أما إذا كرر الطلاق، كأن قال: أنت طالق، أنت طالق،أنت طالق، أو قال: أنت طالق طالق ولم يكرر لفظ - أنت - فإن له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يذكر الكلمات المكررة بدون حرف العطف متتابعة بحيث لا يفصل بين كل كلمة وأخرى بفاصل، بل يكون الكلام متصلاً في العرف، فلا يعتبر الفصل سكتة التنفس وانقطاع الصوت، والعي، لأن الفصل بمثل هذا لا يخرج الكلام عن كونه متصلاً عرفاً، أما الذي يخرجه عن كونه متصلاً فهو أن يفصل باختياره بحيث ينسب إليه أنه قطع الكلام عرفاً، وتحت هذه الحالة أربع صور:
الصورة الأولى: أن يقصد بالتكرار تأكيد قوله: أنت طالق الأولى بقوله أنت طالق الثاني وأنت طالق الثالث، بمعنى أنه ينوى تأكيد اللفظ الأول باللفظين الأخيرين معاً، وفي هذه الصورة تلزمه طلقة واحدة، لأنه نوى تأكيد الأول بالثاني و الثالث فلم ينشئ طلاقاً جديداً والتأكيد مهم في جميع اللغات.
الصورة الثانية: أن يؤكد الأول بالثاني فقط، ثم ينشئ طلاقاً بالثالث. أو لم ينو به شيئاً وفي هذه الصورة يلزمه طلقتان: طلاق بالعبارة الأولى. وطلاق بالعبارة الثالثة التي استأنف بها طلاقاً. أو طلق ولم ينو بها شيئاً، أما العبارة الثانية فإنها لا تحسب ع
الثلاثاء سبتمبر 03, 2013 12:55 pm من طرف قدوتي رسولي
» ما هو سرّ الصلاة ؟ و تمثيل لذلك
الأربعاء يناير 25, 2012 12:46 pm من طرف أنفال
» اقروا هذا الدعاء
الجمعة يوليو 29, 2011 8:44 pm من طرف التائبة لله
» ,,,,,,قصه وحكمه,,,,,,,,
السبت مارس 12, 2011 2:17 am من طرف بسمة أمل
» أخيتي اني أحبك في الله
السبت مارس 12, 2011 1:42 am من طرف بسمة أمل
» فصل: وفي ضمن هذه الأحاديث المتقدمة استحباب التداوي
الثلاثاء مارس 08, 2011 4:05 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه في داء الاستسقاء وعلاجه
الثلاثاء مارس 08, 2011 4:03 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في معالجة المرضى بترك إعطائهم ما يكرهونه
الثلاثاء مارس 08, 2011 4:02 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج يبس الطبع
الثلاثاء مارس 08, 2011 4:00 am من طرف ابو دحام
» في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج ذات الجنب
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:59 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج المرضى بتطييب نفوسهم وتقوية قلوبهم
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:57 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج الخدران الكلي
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:56 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج الأورام
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:54 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحمية
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:52 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه في علاج الحمى
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:50 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه في علاج استطلاق البطن
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:49 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه في العلاج بشرب العسل، والحجامة، والكي
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:47 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قطع العروق والكي
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:45 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج عرق النسا
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:43 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج حكة الجسم وما يولد القمل
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:40 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج حكة الجسم وما يولد القمل
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:40 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج الصرع
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:36 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج البثرة
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:34 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج الأبدان
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:33 am من طرف ابو دحام
» فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في إصلاح الطعام الذي يقع فيه الذباب وإرشاده إلى دفع مضرات السموم بأضدادها
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:30 am من طرف ابو دحام
» فصل: وأما الحجامة
الثلاثاء مارس 08, 2011 3:28 am من طرف ابو دحام
» من فوائد الصلاة القرب من الله
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:59 am من طرف ابو دحام
» عبودية السجود
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:56 am من طرف ابو دحام
» عبودية الركوع
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:54 am من طرف ابو دحام
» عبودية الجلوس للتشهد و معنى التحيات
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:52 am من طرف ابو دحام
» عبودية التكبير " الله أكبر ".
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:50 am من طرف ابو دحام
» سرّ الصلاة الإقبال على الله
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:48 am من طرف ابو دحام
» حال العبد في الفاتحة
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:47 am من طرف ابو دحام
» تشبيه القلب بالأرض
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:44 am من طرف ابو دحام
» الكلام عن الوضوء
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:38 am من طرف ابو دحام
» القلوب ثلاثةٌ
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:35 am من طرف ابو دحام
» قبس من دعاء الصالحين
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:26 am من طرف أبو الوليد
» إطعام الطعام للمساكين
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:25 am من طرف أبو الوليد
» إصلاح الصيام
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:24 am من طرف أبو الوليد
» الإلحاح وكثرة الدعاء بذلك
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:24 am من طرف أبو الوليد
» ارم بسهم في سبيل الله
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:23 am من طرف أبو الوليد
» الذب عن عرض أخيك المسلم
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:22 am من طرف أبو الوليد
» القرض الحسن أو أن تعطي أخاك شيئًا يتزود به للمعاش وهداية التائه الضال
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:21 am من طرف أبو الوليد
» الطواف بالبيت سبعة أشواط وصلاة ركعتين بعدها
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:20 am من طرف أبو الوليد
» الإكثار من هذا الذكر في اليوم والليلة
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:19 am من طرف أبو الوليد
» التسبيح والتحميد مائة
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:19 am من طرف أبو الوليد
» الوصية بهذه الذكر في أذكار الصباح والمساء
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:18 am من طرف أبو الوليد
» التكبير مائة قبل طلوع الشمس
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:17 am من طرف أبو الوليد
» اللهج بهذا الذكر العظيم بعد صلاة الفجر
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:16 am من طرف أبو الوليد
» الجلوس للذكر من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:16 am من طرف أبو الوليد
» إحسان تربية البنات أو الأخوات
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:15 am من طرف أبو الوليد
» سماحة الأخلاق
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:14 am من طرف أبو الوليد
» مشي الخطوات في سبيل الله
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:13 am من طرف أبو الوليد
» البكاء من خشية الله تعالى
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:12 am من طرف أبو الوليد
» المحافظة على أربع ركعات قبل الظهر وبعده
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:12 am من طرف أبو الوليد
» المحافظة على صلاتي الفجر والعصر
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:11 am من طرف أبو الوليد
» إصلاح الصلاة بإدراك تكبيرة الإحرام
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:09 am من طرف أبو الوليد
» الإخلاص ----------
الثلاثاء مارس 08, 2011 2:09 am من طرف أبو الوليد
» الصلاة قرة عيون المحبين و هدية الله للمؤمنين(1
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:45 am من طرف ابو دحام
» من عبد الله بن حذافة الى شباب المسلمين
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:41 am من طرف أبو الوليد
» القلب ييبس إذا خلا من توحيد الله
الثلاثاء مارس 08, 2011 1:41 am من طرف ابو دحام
» بسمة أمل و بصمة العمل
الثلاثاء مارس 08, 2011 12:53 am من طرف أبو الوليد
» أجمل قصيدة حب
الثلاثاء مارس 08, 2011 12:48 am من طرف أبو الوليد
» أستغفر الله من ذنب يؤرقنى
الثلاثاء مارس 01, 2011 8:48 pm من طرف حنين الحاج
» دموع التائبين
الإثنين فبراير 28, 2011 9:08 pm من طرف حنين الحاج
» الفوائد المترتبة على التقوى
الإثنين فبراير 28, 2011 8:39 pm من طرف حنين الحاج
» الحجب العشر بين العبد وبين الله
الإثنين فبراير 28, 2011 8:28 pm من طرف حنين الحاج
» اتنفس غيابك
الإثنين فبراير 28, 2011 8:14 pm من طرف حنين الحاج
» اربعون حديثا قدسيا واربعون حديثا فى الاذكار
الإثنين فبراير 28, 2011 5:28 pm من طرف حنين الحاج
» اختاه ...ابتعدى
الإثنين فبراير 28, 2011 5:19 pm من طرف حنين الحاج
» الحاسد...............
الإثنين فبراير 28, 2011 5:11 pm من طرف حنين الحاج
» صامت لو تكلم ...............
الإثنين فبراير 28, 2011 4:38 pm من طرف حنين الحاج
» مأجور يالى نشيد جميل عن الفراق
الإثنين فبراير 28, 2011 4:24 pm من طرف حنين الحاج
» كان عندك هم ...........
الإثنين فبراير 28, 2011 4:19 pm من طرف حنين الحاج
» قصة العابد وامه
الإثنين فبراير 28, 2011 4:16 pm من طرف حنين الحاج
» الدين النصيحة
الإثنين فبراير 28, 2011 5:30 am من طرف أبو الوليد
» فضل حفظ القرآن الكريم
الإثنين فبراير 28, 2011 5:29 am من طرف أبو الوليد
» مبحث الكبائر من الذنوب.
الإثنين فبراير 28, 2011 5:28 am من طرف أبو الوليد
» كتاب الطلاق - 3 -
الإثنين فبراير 28, 2011 5:26 am من طرف أبو الوليد
» كتاب الطلاق - 2-
الإثنين فبراير 28, 2011 5:25 am من طرف أبو الوليد
» كتاب الطلاق
الإثنين فبراير 28, 2011 5:24 am من طرف أبو الوليد
» الغُسُل - - - -
الإثنين فبراير 28, 2011 5:18 am من طرف أبو الوليد
» الحيض والاستحاضة والنفاس
الإثنين فبراير 28, 2011 5:17 am من طرف أبو الوليد
» التيمم- - -
الإثنين فبراير 28, 2011 5:16 am من طرف أبو الوليد
» تلقين المحتضر
الإثنين فبراير 28, 2011 5:13 am من طرف أبو الوليد
» تنبيهان-----
الإثنين فبراير 28, 2011 5:12 am من طرف أبو الوليد
» بدع الجنائز
الإثنين فبراير 28, 2011 5:08 am من طرف أبو الوليد
» ما يحرم عند القبور
الإثنين فبراير 28, 2011 5:07 am من طرف أبو الوليد
» زيارة القبور
الإثنين فبراير 28, 2011 5:06 am من طرف أبو الوليد
» التعزية-----
الإثنين فبراير 28, 2011 5:04 am من طرف أبو الوليد